بازگشت

اعداء اهل البيت يصومون يوم عاشوراء فرحا


قال: مما ورد من روايات في فضل صيام هذا اليوم من روايات الشيعة ما رواه الطوسي في الاستبصار … وما لا أكاد أفهمهم تجاهل علماء الشيعة للروايات الواضحة في بيان فضل صيام عاشوراء. لم يكن لصوم يوم العاشر من المحرم صدي كما نسمعه اليوم، ولا تركيز من قبل النواصب كما يفعلون اليوم، فهل يريدون بذلك أن يغطوا علي شناعة فعل يزيد في ذلك اليوم، دفاعا عن بني أمية. أما عند الشيعة فقد اختلفت آراء فقهاء الشيعة تبعا لاختلاف الروايات وتعارضها في مسألة صوم عاشوراء. إذ يبدو أن القدماء منهم (قده) قد حكموا باستحباب صوم يوم العاشر إن كان علي وجه الحزن، وحمل الشهيد الثاني معني الصوم علي الامتناع عن المفطرات إلي العصر لا علي المعني الشرعي للصـوم، فهو يرد القول باستحباب الصوم الشرعي، إذ يقول: لأن صومه متروك كما وردت به الرواية، وحكم المحقق البحراني من المتأخرين بالحرمة، ويفهم من السيد الطباطبائي في (الرياض) الاستحباب العام لا بالعنوان الخاص المؤكد عليه بالشريعة، ويؤيد صاحب (الجواهر) رأي القدماء، نعم ظاهر السيد الخوئي رحمه الله في كتابه (المستند) ترجيح الاستحباب الخاص. فالقول بأن علماء الشيعة تجاهلوا الروايات الدالة علي فضل صيام عاشوراء يكشف عن جهل الكاتب الشديد، بل هو توغل في الجهالة. إذا، فصوم عاشوراء إما أن يكون بالعنوان العام أو بالعنوان الخاص وكلاهما له مؤيد ومعارض، نعم هم يتفقون علي حرمة صوم العاشر بعنوان التبرك واعتباره يوم فرح كما ظاهر بعض النصوص الواردة في مصادر السنة وظاهر صيام بعضهم، فذاك موطن التشنيع من قبل الشيعة ورفضهم. ولعل القارئ المنصف يفهم ذلك عندما يقرأ ما صرح به ابن تيمية في ج25 ص 166 من (مجموعة الفتاوي): فعارض هؤلاء قوم إما من النواصب المتعصبين علي الحسين وأهل بيته وإما من الجهال … فوضعوا الآثار في شعائر الفرح والسرور يوم عاشوراء كالاكتحال و الاختضاب وتوسيع النفقات علي العيال وطبخ الأطعمة الخارجة عن العادة ونحو ذلك مما يفعل في الأعياد والمواسم فصار هؤلاء يتخذون يوم عاشوراء موسما كمواسم الأعياد والأفراح. وقال في (منهاج السنة) ج8 ص 151: وكذلك حديث عاشوراء والذي صح في فضله هو صومه وأنه يكفر سنة وأن الله نجي فيه موسي من الغرق وقد بسطنا الكلام عليه في موضع آخر وبينا أن كل ما يفعل فيه سوي الصوم بدعة مكروهة لم يستحبها أحد من الأئمة مثل الاكتحال والخضاب وطبخ الحبوب وأكل لحم الأضحية والتوسيع في النفقة وغير ذلك وأصل هذا من ابتداع قتلة الحسين ونحوهم. وقد أقر ابن كثير في تاريخه بأن يوم عاشوراء يتخذ يوم سرور عند النواصب من أهل الشام فقال في ج8 ص 220: وقد عاكس الرافضة والشيعة يوم عاشوراء النواصب من أهل الشام فكانوا إلي يوم عاشوراء يطبخون الحبوب ويغتسلون ويتطيبون ويلبسون أفخر ثيابهم ويتخذون ذلك اليوم عيدا يصنعون فيه أنواع الأطعمة ويظهرون السرور والفرح. وقال العيني في (عمدة القارئ) ج 5 ص 347: اتفق العلماء علي أن صوم يوم عاشوراء سنة وليس بواجب، نعم اختلق أعداء أهل البيت (ع) أحاديث في استحباب التوسعة علي العيال يوم عاشوراء والاغتسال والخضاب والاكتحال. قال ابن الجوزي في (الموضوعات) ج2 ص 112: قد تمذهب قوم من الجهال بمذهب أهل السنة فقصدوا غيظ الرافضة فوضعوا أحاديث في فضل عاشوراء ونحن براء من الفريقين، وقد صح أن رسول الله (ص) أمر بصوم عاشوراء إذ قال: إنه كفارة سنة، فلم يقنعوا بذلك حتي أطالوا وأعرضوا وترقوا في الكذب. إذا فمورد الخلاف في الحقيقة يتوجه إلي ما صدر بعنوان السرور والفرح والزينة يوم عاشوراء.. وما زالت تجد بقاياه الي يومنا هذا!! فاعتراضنا علي من وضعوا الأحاديث التي تتخذ يوم عاشوراء يوم فرح! منها ما عده ابن الجوزي في الموضوعات ج2 ص 115 عن عبدالله عن رسول الله (ص): من وسع علي أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته. وكذلك روي ابن الجوزي في كتابه الموضوعات عن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص): من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدا. فنكرر ونقول إن اعتراض الشيعة علي هذه الأمور لا علي مجرد الصيام، ويبدو من النصوص أن من ناقش مستحبات ذلك اليوم قد ربط ذكرها بالصيام، فغدا الصوم علامة علي فرح ذلك اليوم، مما جعل الصيام شعارا للفرحين مع الأيام إضافة للاكتحال والزينة ولبس الحلي والتوسعة علي العيال وغيرها، لذا ينبغي للصائم في هذا اليوم أن يكون صومه حزناً، ولا يفرح كما فرح أعداء الحسين وقاتلوه.