بازگشت

البكاء علي الميت مستحب عند اهل السنة


هذا وقد ورد في مصادر العامة ما يدل علي أن البكاء علي الميت سنة سنها رسول الله (ص) فقد روي إسحاق بن راهويه في مسنده ج2 ص 599 رقم 1174 قال: أخبرنا النضر بن شميل نا محمد بن عمرو حدثني محمد بن إبراهيم عن عائشة قالت: مر رسول الله (ص) حين انصرف علي بني الأشهل فإذا نسائهم يبكين علي قتلاهم وكان استمر القتل فيهم يومئذ فقال رسول الله (ص): لكن حمزة لا بواكي له قال فأمر سعد بن معاذ نساء بني ساعدة أن يبكين عند باب المسجد علي حمزة فجعلت عائشة تبكي معهن فنام رسول الله (ص) فاستيقظ عند المغرب فصلي المغرب ثم نام ونحن نبكي فاستيقظ رسول الله لعشاء الآخرة فصلي العشاء ثم نام ونحن نبكي فاستيقظ رسول الله (ص) ونحن نبكي فقال: ألا أراهن يبكين حتي الآن مروهن فليرجعن ثم دعا لهن ولأزواجهن ولأولادهن. والرواية حسنة علي الأقل لوثاقة الكل إلا محمد بن عمرو بن علقمة الليثي قال ابن حجر في التقريب ج2 ص 119: صدوق له الأوهام. ورواه أحمد في مسنده ج9 ص 38 مسند ابن عمر رقم 4984 قال: حدثنا زيد بن الحباب حدثني أسامة بن زيد حدثني نافع عن ابن عمر أن رسول الله (ص) لما رجع من أحد فجعلت نساء الأنصار يبكين علي من قتل من أزواجهن قال: فقال رسول الله (ص): ولكن حمزة لا بواكي له قال: ثم نام فاستنبه وهن يبكين قال: فهن اليوم إذا يبكين يندبن بحمزة وقد بين الحاكم في مستدركه ج1 ص 381 الأمر الأخير بقوله: وهو أشهر حديث بالمدينة فإن نساء المدينة لا يندبن موتاهن حتي يندبن حمزة وإلي يومنا هذا. ولعلك تلاحظ في هذه الرواية أنها لا تدل علي جواز البكاء علي الميت وندبه فحسب، بل إنها تدل علي مشروعية تحويل البكاء إلي عادة مستمرة لقرون طويلة. وقد ورد في المروي عن طريق أسامة بن زيد الليثي زيادة تدل بظاهرها علي نسخ الجواز وهي زيادة: مروهن فليرجعن ولا يبكين علي هالك بعد اليوم مسند أحمد ج9 ص 398. قال الكناني في (مصباح الزجاجة) ج2 ص47: هذا إسناد ضعيف لضعف أسامة بن زيد، وقال الشوكاني في (نيل الأوطار) ج4 ص 253: ورجال إسناد حديث ابن عمر ثقات إلا أسامة بن زيد الليثي ففيه مقال. ولكن حتي من لم يرفض هذه الزيادة من حيث السند، فإنه رفض كونها ناسخة كما صرح بذلك ابن القيم في كتابه (عدة الصابرين) ج1 ص 82 قال: وأما دعوي النسخ في حديث حمزة فلا يصح إذ معناه لا يبكين علي هالك بعد اليوم من قتلي أحد، ويدل علي ذلك أن نصوص الإباحة أكثرها متأخرة عن غزوة أحد منها حديث أبي هريرة إذ إسلامه وصحبته كانا في السنة السابعة ومنها البكاء علي جعفر وأصحابه وكان استشهادهم في السنة الثامنة ومنها البكاء علي زينب وكان موتها في السنة الثامنة أيضا ومنها البكاء علي سعد بن معاذ وكان موته في الخامسة ومنها البكاء عند قبر أمه وكان عام الفتح في السنة الثامنة.