بازگشت

افتراء نسب الي الحسين أنه قال: أضع يدي في يد يزيد


قال الكاتب: فانطلق الحسين يسير نحو طريق الشام نحو يزيد فلقيته الخيول بكربلاء بقيادة عمر بن سعد. وقال: ولما رأي الحسين هذا الجيش العظيم علم أنه لا طاقة له بهم وقال إني أخيركم بين أمرين: أن تدعوني أرجع أو تتركوني أذهب إلي يزيد في الشام فقال له عمر بن سعد أرسل إلي يزيد وأرسل أنا إلي عبيد الله فلم يرسل الحسين إلي يزيد. و الكاتب يعرض النصوص بشكل مخل و أما ما أورده الطبري في تاريخه في أحداث سنة 61 ج4 ص311: عن حسان بن فائد بن بكر العبسي قال أشهد أن كتاب عمر بن سعد جاء إلي عبيد الله بن زياد وأنا عنده فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني حيث نزلت بالحسين بعثت إليه رسولي فسألته عما أقدمه وماذا يطلب ويسأل فقال كتب إلي أهل هذه البلاد وأتتني رسلهم فسألوني القدوم ففعلت فأما إذ كرهوني فبدا لهم غير ما أتتني به رسلهم فأنا منصرف عنهم فلما قرئ الكتاب علي ابن زياد قال: الآن إذ علقت مخالبنا به يرجو النجاة ولات حين مناص. وروي الطبري ج4 ص 313: قال أبو مخنف وأما ما حدثنا به المجالد بن سعيد والصقعب ابن زهير الأزدي وغيرهما من المحدثين قالوا إنه قال اختاروا مني خصالا ثلاثا إما أن أرجع إلي المكان الذي أقبلت منه وإما أن أضع يدي في يد يزيد بن معاوية فيري فيما بيني وبينه رأيه وإما أن تسيروني إلي أي ثغر من ثغور المسلمين شئتم فأكون رجلا من أهله لي ما لهم وعلي ما عليهم قال أبو مخنف فأما عبدالرحمن بن جندب فحدثني عن عقبة بن سمعان قال صحبت حسينا فخرجت معه من المدينة إلي مكة ومن مكة إلي العراق ولم أفارقه حتي قتل وليس من مخاطبته الناس كلمة بالمدينة ولا بمكة ولا في الطريق ولا في العراق ولا في عسكر إلي يوم مقتله إلا وقد سمعتها ألا والله ما أعطاهم ما يتذاكر الناس وما يزعمون من أن يضع يده في يد يزيد بن معاوية ولا أن يسيروه إلي ثغر من ثغور المسلمين ولكنه قال دعوني فلأذهب في هذه الأرض العريضة حتي ننظر ما يصير من أمر الناس. فالطبري يروي الرواية التي تتحدث عن الخيارات ثلاثة، ثم يروي عن عقبة بن سمعان - الذي عاصر الأحداث - إنكارا واضحا لما ذكر في الرواية السابقة أي ما تبناه كاتب المنشور و عرضه بشكل مخل هذا بالإضافة إلي شخصية الحسين (ع) وتربيته وما ورثه من أبيه (ع) لا تتناسب مع مثل هذا الموقف الذي يريد أن يصوره الكاتب، وكأن الحسين (ع) قد ندم علي خروجه أو خاف هذه الجموع، كيف وشجاعته واضحة في صفحات التاريخ، وهو الذي بشره رسول الله(ص) بهذا الموقف الإيماني العظيم، وقد قرأت رسالة عمرة بنت عبد الرحمن قبل فقرات ورد الحسين (ع) عليها. ولعل الحجة الأبلغ علي الكاتب المحرف، ما رواه إمامه ابن كثير في (البداية والنهاية) ج 8ص 190، قال: ولكن طلب منهم أحد أمرين إما أن يرجع من حيث جاء، وإما أن يدعوه يذهب في الأرض العريضـة حتي ينظر ما يصير أمر الناس إليه وكذلك نقل ابن الأثير في (الكامل) ج3 ص 165.ت بل إن ابن الجوزي ينقل عكس هذا الادعاء في تاريخه (المنتظم)، حيث ينقل رفض الحسين (ع) أن يضع يده بيد يزيد وذلك في ج4ص155، قال: فنادي- الحسين (ع)- يا شبث بن ربعي يا قيس بن الأشعث يا حجار ألم تكتبوا إلي قالوا لم نفعل فقال فإذا كرهتموني دعوني انصرف عنكم فقال له قيس أولا تنزل علي حكم ابن عمك – أي يزيد – فإنه لن يصل إليك منهم مكروه فقال لا والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل. ورواه أيضا ابن كثير في تاريخه ج8 ص194. ويؤكد ذلك ما نقله الذهبي في تاريخ الإسلام الجزء المتعلق بأحداث سنة (61-80) من الهجرة ص12 قول الحسين (ع): ألا ترون إلي الحق لا يعمل به وإلي الباطل لا يتناهي عنه ليرغب المؤمن في لقاء اللـه، وإني لا أري الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما، وهذه هي الحقيقة التي تتناسب مع شخصية سبط النبي صلي الله عليه وآله وابن علي (ع)، الذي تربي تحت بارقة ذو الفقار، لا ما استنتجه الكاتب ليقلل من شأن موقف الحسين (ع) ويرفع من قيمة يزيد حفيد آكلة الأكباد.