بازگشت

نوح أهل الشام لأهل العباء و اعتراضهم علي يزيد


في خبر أبي مخنف: ثم ان أهل الشام كأنهم نيام فانتهبوا، فعطلوا الأسواق، و جددوا العزاء، و أظهروا المصيبة لأهل العباء، و قالوا: والله؛ ما علمنا أنه رأس الحسين عليه السلام، و انما قيل: رأس خارجي خرج بأرض العراق.

فلما سمع يزيد لعنه الله ذلك، فاستعمل لهم الأجزاء من القرآن! و فرقها في المسجد، فكانوا اذا صلوا و فرغوا من صلاتهم وضعوها بين أيديهم ليشتغلوا [1] بها عن ذكر الحسين بن علي عليه السلام.

فلم يشغلهم عن ذكره شيئا، فأمر يزيد لعنه الله باحضارهم و قام خطيبا و قال: يا أهل الشام! أنتم تقولون: اني قتلت الحسين عليه السلام أو أمرت بقتله؟ و انما قتله ابن مرجانة.

ثم دعي بالذين حضروا قتل الحسين عليه السلام فحضروا بين يديه، فالتفت الي شبث بن ربعي لعنه الله و قال له: يا ويلك! أنت قتلت الحسين؟ أو أنا أمرتك بقتله؟

فقال شبث: أنا والله؛ ما قتلته، و لعن الله من قتله.

قال: من قتله؟

قال: قتله مصابر بن وهيبة.

فالتفت اليه يزيد المعلون، و قال له: ءأنت الحسين عليه السلام؟ أو أنا أمرتك بقتله؟

قال: لا والله؛ ما قتلته، و لعن الله من قتله.


قال: من قتله؟

قال: قتله شمر بن ذي الجوشن الضبابي لعنه الله.

فالتفت اليه، و قال له: يا ويلك! ءأنت قتلته؟ أو أمرتك بقتله؟

قال: لا والله؛ ما قتلته.

قال لعنه الله: فمن قتله؟

قال: قتله سنان بن أنس النخعي لعنه الله [2] .

قال له: أنت قتلته؟

قال: لا.

قال: من قتله؟

قال: خولي بن يزيد الأصبحي لعنه الله.

قال: أنت قتلته؟

قال: لا، و لعن الله من قتله.

قال: ويلكم! يحيل بعضكم علي بعض، و أري ينظر بعضكم بعضا.

قالوا: قتله قيس بن ربيع.

قال له: أنت قتلت الحسين؟

قال: ما قتلته.

قال: ألا فمن قتله يا ويلكم؟

قال قيس: أقول لك يا يزيد! من قتله، ولي الأمان؟

قال: قل، و لك الأمان.


قال: والله؛ ما قتل الحسين عليه السلام و أهل بيته الا من عقد الرايات، و صب المال علي الأنطاع، و سير الجويش جيشا بعد جيش.

فقال يزيد لعنه الله: و من ذاك؟

فقال: أنت والله؛ يا يزيد!

فغضب يزيد لعنه الله من قوله، و نهض [3] و دخل داره، و وضع الرأس في طشت، و غطاه بمنديل ديبقي، و وضعه في حجره و جعل يلطم خده، و هو يقول: مالي مالي و قتل الحسين [4] .

هذا؛ و قد نقل جمع من أصحاب المقاتل، منهم السيد رحمه الله في كتاب «اللهوف» و ابن نما في «مثير الأحزان»:

أن يزيد لعنه الله قال لعلي بن الحسين عليه السلام: أذكر حاجاتك الثلاث التي وعدك بقضائهن.

فقال له: الأولي: أن تريني وجه سيدي و مولاي أبي الحسين عليه السلام، فأتزود منه و أنظر اليه و أودعه.

و الثانية: أن ترد علينا ما أخذ منا.

و الثالثة: ان كنت عزمت علي قتلي أن توجه مع هؤلاء النسوة من يردهن الي حرم جدهن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

فقال: أما وجه أبيك فلن تراه أبدا، و أما قتلك فقد عفوت عنك، و أما النساء فما يردهن الي المدينة غيرك، و أما ما أخذ منكم فأنا اعوضكم عنه أضعاف قيمته.


فقال عليه السلام: أما مالك [5] فلا نريده، و هو موفر عليك، فانم طلبت ما أخذ منا، لأن فيه مغزل فاطمة عليهاالسلام بنت محمد صلي الله عليه و آله و سلم و مقنعتها و قلادتها و قميصها.

فأمر برد ذلك، و زاد فيه من عنده مأتي دينار.

فأخذها زين العابدين عليه السلام و فرقها في الفقراء و المساكين.

ثم أمر برد الاساري و سبايا البتول عليهاالسلام الي أوطانهم بمدينة الرسول [6] .


پاورقي

[1] الشغل: ضد الفراغ... «منه رحمه الله».

[2] النخع - محرکة -: قبيلة باليمن «منه رحمه الله».

[3] نهض - کمنع -: قام، «منه رحمه الله».

[4] مقتل الحسين عليه‏السلام: 220 - 128، مع اختلاف في الألفاظ.

[5] يحتمل أن يکون اللام جارة، «منه رحمه الله».

[6] اللهوف: 224 و 225، البحار: 144 / 45.