بازگشت

رؤيا سكينة


في كتاب «الأنوار النعمانية»: ان الحريم لما أدخلن في السبي علي يزيد بن معاوية لعنهما الله كان يطلع فيهن، و يسأل عن كل واحدة بعينها... الي أن قال: فقال يزيد لعنه الله لسكينة عليهاالسلام: ارجعي مع النسوة حتي آمركن بأمري.

فقالت: يا يزيد! ان بكائي أكثره من طيف رأيته الليلة.

قال: قصيه علي.

فأمر السائق في الوقوف، فقالت: اني لم أنم منذ قتل أبي الحسين عليه السلام، لأني لم أتمكن من الركوب علي ظهر جمل أدبر أعجف هذا، و كلما عثر بي يقهرني هذا زجر بن قيس لعنه الله، و يوشحني بالسوط، فلم أر من يخلصني منه.

فلعنه يزيد لعنه الله و جلسائه.

ثم قالت: رقدت الليلة و اذا أنا أري قصرا من نور شرائفه الياقوت، و أركانه من الزبرجد، و أبوابه من العود القماري.

فبينما أنظر اليه و اذا ببابه قد فتحت، فخرج منها خمس مشايخ، و يقدمهم و صيف، فتقدمت اليه، فقلت: لمن هذا القصر؟

فقال: لأبيك الحسين عليه السلام.

فقلت: و من هؤلاء المشايخ؟

فقال: هذا آدم، و هذا نوح، و هذا ابراهيم، و هذا موسي و عيسي عليهم السلام.

فبينما أنا أنظر كلامه و الي القصر اذ أقبل رجل قابض علي لحيته حزينا كئيبا، فقلت: و من هذا؟


قال: أو ما تعرفينه؟

قلت: لا.

قال: هذا جدك محمد المصطفي صلي الله عليه و آله و سلم.

فدنوت منه و قلت: يا جداه! لو رأيتنا علي الأقتاب بغير و طاء و لا غطاء و لا حجاب، ينظر الينا البر و الفاجر، لرأيت أمرا عظيما و خطبا جسيما.

فانحني علي و ضمني الي صدره، و بكي بكاء شديدا، و أنا أحاكيه بهذا و أمثاله.

فقال يحيي عليه السلام: كفي عنك و غضي من صدتك يا بنت الصفوة! فقد أوجعت قلوبنا، و قلب سيدنا و أبكيته و أبكيتنا.

فأخذ الوصيف بيدي و أدخلني الي القصر، و اذا بخمسة نسوة و بينهن امرأة ناشرة شعرها علي وجهها، و عليها ثياب سود، و بيدها ثوب ملطخ بالدم، اذا قامت قمن معها، و اذا جلست جلسن معها لجلوسها، لاطمة خدها، جارية دمعها، و هي تنوح، و النساء تجيبها بذلك.

فقلت للوصيف: من هذه النسوة؟

فقال: يا سكينة! هذه حواء، و هذه مريم، و التي عندها آسية بنت مزاحم، و هذه ام موسي، و هذه خديجة الكبري.

فقلت: و صاحب القميص المضرج بالدماء؟

قالت: هذه جدتك فاطمة الزهراء عليهاالسلام.

فدنوت منها، و قلت: السلام عليك يا جدتاه.

فرفعت رأسها، و قالت: سكينة؟


قلت: نعم.

فقامت لاطمة معولة، فقالت: ادن [1] مني، فضمتني الي صدرها، فقلت: يا جدتي! علي صغر سني امتمت.

فقالت: وا ويلتاه! وا مهجة قلباه! من أحني عليكن بعد القتل؟ من جمعكن عن الشتات بين الرجال؟ بشريني يا سكينة! عن حال العليل.

فقلت: يا جدتاه! مرارا كثيرا أرادوا قتله، فدفعتم عنه علته، لأنه مكبوب علي وجهه، و قد سلبوه ثيابه، فلا يطيق النهوض، و لو تراه عينك حين أركبوه علي ظهر أعجف أدبر، و قيدوا عنقه بقيد ثقيل.

فبكي، فقلنا له: ما يبكيك؟

فقال: اذا رأيت قيدي هذا ذكرت أغلال أهل النار.

فسألناهم فكه، فقيدوا أيضا رجليه من تحت بطن الناقة، فاذا فخذه يسيل دما وقيحا، باكيا نهاره و ليله، ان نظر الي رأس أبيه و رؤوس الأنصار مشهرين، و ان نظر الينا عاريات مكشفات، فكلما رآي ذلك ازداد بالبكاء.

فلطمت علي وجهها و نادت: وا ولداه! وا ضيعتاه! هكذا صدر عليكم من بعدنا.

ثم انها قالت: و جسد القتيل من غسله؟ من كفنه؟ من صلي عليه؟ من دفنه؟ من زاره؟

فقلت: ليس له غسل غير دموعنا، و كفنه السوافي من رمالها، و رحلنا [2]


عنه و زواره الطيور و الوحش.

فنادت: وا حسيناه! وا ولداه! وا قلة ناصراه!

هذا و النساء باكيات معولات لاعوالها.

ثم نظرن الي و قلن لي: مهلا؛ يا بنت الصفوة! لقد أهلكت سيدتنا و أهلكتنا.

فانتبهت من رقدتي هذه و يزيد لعنه الله و جلسائه و أمراء بني امية يبكون، فأمرهم بالانصراف، فانصرفن [3] .

و في «المنتخب» قال: فلما سمع يزيد لعنه الله ذلك لطم علي وجهه، و بكي و قا: مالي و لقتل الحسين؟!


پاورقي

[1] کذا في النسخة، و الصحيح: ادني - بالياء - «منه رحمه الله».

[2] رحل - کمنع -: انتقل، «منه رحمه الله».

[3] البحار: 196 - 194 / 45 (نحوه).