اعتراض جاثليق النصاري علي يزيد و اسلامه
قال أبومخنف في بعض نسخ كتابه: قال سهل: فبينما يزيد جالس و رأس الحسين عليه السلام بين يديه و هو ينكت ثناياه بالقضيب، اذ دخل عليه جاثليق النصراني و عليه ثياب سود و علي رأسه برنس [1] و بيده عكازة [2] ، و كان شيخنا كبيرا، فنظر الي رأس الحسين عليه السلام فقال: يا يزيد! هذا رأس من؟
قال: رأس خارجي خرج علينا بأرض العراق.
فقال: و ما اسمه؟
قال: الحسين بن علي بن أبي طالب.
قال: و من امه؟
قال: فاطمة الزهراء بنت محمد المصطفي صلي الله عليه و آله و سلم.
فقال [له] الجاثليق: بم استوجب القتل؟
قال: لأن أهل العراق دعوه و كتبوا اليه و أرادوا أن يجعلوه خليفة، فقتله عاملي عبيدالله بن زياد، و بعث الي برأسه.
قال الجاثليق: يا يزيد! ارفعه من بين يديك، و الا هلكت.
اعلم! أني كنت نائما فسمعت هدة عظيمة من قبل السماء، و رأيت رجلا قد نزل من السماء كأنه القمر و النور يشرق من وجهه، و معه رجال كثيرة، فقلت لبعضهم: من هذا؟
فقيل: محمد المصطفي صلي الله عليه و آله و سلم، و هؤلاء الملائكة قد نزلوا من السماء يعزونه بولده، فقد قتلته امته من بعده، لا أنالهم الله شفاعته يوم القيامة.
قال يزيد لعنه الله: ويلك! أتيت تخبرنا بأحلامك الكاذبة، والله؛ لأضربن عنقك.
ثم أمر أن يضربوه بالسياط حتي ألموه و أوجعوه، فقال: يا أباعبدالله! اشهد لي عند جدك رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، أني أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله.
فغضب يزيد لعنه الله من اسلامه، و قال: اضربوه، فجعلوا يضربونه حتي رضوا جسده.
فقال له: يا يزيد! ان شئت تضرب، و ان شئت لا تضرب، فهذا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم واقف بازائي و بيده قميص من نور و تاج من نور، و هو يقول:
هنيئا لك يا هذا بالجنة، و خير خروجك من الدنيا نلبسك هذا التاج و القميص، و تكون معنا في الجنة.
قال سهل، فتعجبت من كلامه، فما استتم كلامه حتي هلك، رحمة الله عليه [3] .
پاورقي
[1] البرنس - بالضم کبرنس -: قلنسوة طويلة کان العباد يلبوسنها في صدر الاسلام، «منه رحمه الله».
[2] العکازة: و زان التفاحة و رمانة: الغزة و هي رمح بين العصا و الرمح، فيها زج، «منه رحمه الله».
[3] الدمعة الساکبة: 5 / 133 و 134.