بازگشت

خطبة زينب في ملجس يزيد


في «الاحتجاج»: فقامت اليه زينب عليهاالسلام بنت علي بن أبي طالب عليه السلام و امها فاطمة عليهاالسلام بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و قالت:

الحمد لله رب العاليمن، و الصلاة علي جدي سيد المرسلين، صدق الله سبحانه كذلك يقول: (ثم كان عاقبة الذين أساؤا السوي ء أن كذبوا بآيات الله و كانوا بها يستهزؤون).

أظننت يا يزيد! حيث أخذت علينا أقطار الأرض، و ضيقت علينا آفاق السماء، فأصبحنا لك في اسار [1] الذل، نساق اليك سوقا في قطار [2] ، و أنت علينا ذو اقتدار، أن بنا علي الله هوانا، و عليك منه كرامة و امتنانا، و أن ذلك لعظم خطرك و جلالة قدرك.

فشمخت بأنفك و نظرت الي عطفك تضرب أصدريك فرحا [3] ، و تنفض مذرويك مرحا [4] حين رأيت الدنيا لك مستوسقة، و الامور لديك متسقة،


و حين صفي لك ملكنا، و خلص لك سلطانا؟

فمهلا مهلا! أنسيت قول الله عزوجل: (و لا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون انما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار) [5] .

و قال عزمن قائل: (و لا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثما و لهم عذاب مهين) [6] .

أمن العدل يابن الطلقاء! تخذيرك حرائرك و امائك، و سوقك بنات رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم سبايا؟ قد هتكت ستورهن، و أبديت وجوههن، تحدوا بهن الأعداء من بلد الي بلد، و يستشرفهن أهل المناقل، و يبرزن لأهل المناهل، و يتصفح وجوههن القريب و البعيد، و الغائب و الشهيد، و الشريف و الوضيع، و الدني و الرفيع.

ليس معهن من رجالهن، و لا من حماتهن حميم، عتوا منك علي الله، و جحودا لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من عند الله.

و لا غر و منك، و لا عجب من فعلك، و أني يرتجي [مراقبة] ممن لفظ فوه أكباد الشهداء، و نبت لحمه بدماء السعداء، و نصب الحرب لسيد الأوصياء، و جمع الأحزاب، و شهر الحراب، و هز السيوف في وجه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

أشد العرب لله جحودا، و أنكرهم له رسولا، و أظهرهم له عدوانا، و أعتاهم علي الرب كفرا و طغيانا.


ألا انها نتيجة خلال الكفر، و صب يجرجر في الصدر لقتلي يوم بدر، فلا يستبطي في بغضنا أهل البيت، من كان نظره الينا شنئا و شنئآنا [7] و أحنا [8] و أضغانا يظهر كفره برسوله، و يفصح ذلك بلسانه، و هو يقول فرحا بقتل ولده، و سبي ذريته غير متحور [9] و لا مستعظم يهتف بأشياخه:



لأهلوا، و استحلوا فرحا

و لقالوا: يا يزيد لا تشل



منحنيا علي ثنايا أبي عبدالله عليه السلام، و كان مقبل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ينكتها بمخصرته قد التمع السرور بوجهه.

لعمري لقد نكأت القرحة [10] و استأصلت الشافة [11] باراقتك دم سيد شباب أهل الجنة، و ابن يعسوب الدين والعرب، و شمس آل عبدالمطلب.

و هتفت بأشياخك، و تقربت بدمه الي الكفرة من أسلافك، ثم صرخت بندائك.

[و] لعمري لقد ناديتهم لو شهدوك، [و] شيكا تشهدهم، و لن يشهدوك، و لتودن يمينك كما زعمت شلت منك عن مرفقها وجذت، و أحببت أمك لم


تحملك، و أباك لم يلدك، حين تصير الي سخط الله تعالي، و مخاصمك [و مخاصم أبيك] رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

اللهم خذ بحقنا، و انتقم لنا ممن ظلمنا، و أحلل غضبك علي ما سفك دماءنا، و نقص ذمارنا [12] و قتل حماتنا، و هتك عنا سدولنا.

و فعلت فعلتك [التي فعلت] و ما فريت الا جلدك، و ما جزرت الا لحمك، و سترد علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بما تحملت من دم ذريته، و انتهكت من حرمته، و سفكت من دماء عترته و لحمته، حيث يجمع به شملهم، و يلم شعثهم [13] ، و ينتقم من ظالمهم، و يأخذ لهم بحقهم من أعدائهم.

فلا يستفزنك الفرح بقتلهم، (و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون - فرحين بما آتاهم الله من فضله) [14] .

و حسبك بالله وليا و حاكما، و برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم خصيما، و بجبرئل ظهيرا، و سيعلم من بوأك و مكنك من رقاب المسلمين أن بئس للظالمين بدلا، و أنكم شر مكانا و أضل سبيلا.

و ما استصغاري قدرك، و لا استعظامي تقريعك، توهما لانتجاع الخطاب فيك بعد أن تركت عيون المسلمين عبري، و صدورهم عند ذلك حري، فتلك قلوب قاسية، و نفوس طاغية، و أجسام محشوة بسخط الله و لعنة الرسول قد عشش فيها الشيطان و فرخ، و من هناك مثلك ما درج و نهض.

فالعجب كل العجب! لقتل الأتقياء، و أولاد الأنبياء [و سليل الأوصياء]


بأيدي الطلقاء الخبيثة، و نسل العهجرة الفجرة، تنطف أكفهم من دمائنا، و تتحلب أفواههم من لحومنا، و للجثث الزاكية علي الجبوب [15] الضاحية، تنتابها العواسل، و تعفرها الفراعل.

فلئن اتخذتنا مغنما لتجد بنا [16] و شيكا مغرما، حين لا تجد الا ما قدمت يداك، و ما الله بظلام للعبيد، فالي الله المشتكي و المعول، و اليه الملجأ و المؤمل.

ثم كد كيدك، و اجهد جهدك، فوالذي شرفنا بالوحي و الكتاب، و النبوة و الانتخاب [17] ، لا تدرك أمدنا، و لا تبلغ غايتنا، و لا تمحو ذكرنا، و لا ترحض عنك عارنا.

و هل رأيك الا فند [18] ، و أيامك الا عدد، و جمعك الابدد، يوم ينادي المنادي: ألا لعن الظالم العادي.

و الحمد لله الذي ختم لأوليائه بالسعادة، و حكم لأصفيائه ببلوغ الارادة، و نقلهم الي الرحمة و الرأفة، و الرضوان و المغفرة، و لم يشق بهم غيرك، و لا ابتلي بهم سواك.

و نسأله أن يكمل لهم الأجر، و يجزل لهم الثواب و الذخر.

و نسأله حسن الخلافة، و جميل الانابة، انه رحيم ودود.


فقال يزيد لعنه الله مجيبا لها:



يا صيحة تحمد من صوائح

ما أهون الموت علي النوائح



ثم أمر بردهم [19] .


پاورقي

[1] الاسار - بالکسر -: القد، کانوا يشدون الأسير بالقد فسمي کل أخيذ أسيرا، و ان لم يؤسر به، يقال: أسرت الرجل أسرا و اسارا، کذا في «مجمع البحرين» (74 / 1)، «منه رحمه الله».

[2] جاءت الابل قطارا - بالکسر - أي: مقطورة، «منه رحمه الله».

[3] قولهم: جاء فلان يضرب أسدريه و أصدريه أي: عطفيه و منکبيه اذا جاء فارغا ليس بيده شي‏ء و لم يفض طلبته، و ربما قالوا: أزدريه بالزاء (صحاح) و الهمزة فيهن مفتوحة، و هذا المعني لا يناسب المقام، فرخ - بکسر الراء - کما في قوله تعالي: (ان الله لا يحب الفرحين) «منه رحمه الله».

[4] المذروان - بالکسر -: أطراف الألية... و من الرأس ناحيتاه، و جاء ينفض مذرويه: باغيا متهدرا «القاموس»، مرح - کفرح -: أشر و بطر و اختال و نشط و تبختر... قوله تعالي: (و لا تمش في الأرض مرحا) «منه رحمه الله».

[5] ابراهيم: 42.

[6] آل عمران: 178.

[7] شناء، شنآءه... و شنئانا: أبغضه، قوله تعالي: (شنئان قوم) محرکه أي: بغضاء قوم، و سکون النون: بغض قوم...، «منه رحمه الله».

[8] أحسن الرجل...: أظهر العداوة.

[9] في البحار: متحوب، و فلان يتحوب من کذا أي: يتأثم، و التحوب أيضا: التوجع و التحزن، (قاله الملجسي رحمه الله).

[10] القرحة - هي بفتح القاف و سکون الراء واحدة القرح و القروح -: و هي حبة تخرج في البدن «منه رحمه الله».

[11] الشأفة: هي بالهمزة قرحة تخرج في أسفل القدم فتقطع و تکوي فتذهب (مجمع البحرين)، قال في «القاموس»: الشافة: قرحة تخرج في أسفل القدم فتکوي فتذهب، و اذا قطعت مات صاحبها، «منه رحمه الله».

[12] في البحار: ذمامنا.

[13] الشعث - محرکه -: انتشار الأمر، «منه رحمه الله».

[14] آل عمران: 170 - 169.

[15] الجبوب - بالفتح -: الأرض، أو وجهها، أو غليظها، أو التراب، «منه رحمه الله».

[16] في البحار: لتتخذنا.

[17] في البحار: و الانتجاب.

[18] الفند - بالتحريک -: الخطاء في القول و الرأي و الکذب، «منه رحمه الله».

[19] الاحتجاج: 37 - 35 / 2، عنه البحار: 160 - 157 / 45، مع اختلاف يسير في الألفاظ.