بازگشت

السبايا عند صومعة راهب


و باتوا تلك الليلة، و رحلوا منه و أدركهم المساء عند صومعة راهب، فأنشأ علي بن الحسين عليهماالسلام يقول:



هو الزمان فما تفني عجائبه

عن الكرام و لا تهدي مصائبه



فليت شعري الي كم ذا تجاذبنا

صروفه و الي كم ذا نجاذبه






يسيرونا علي الأقتاب عارية

و سائق العيس [1] يحمي [2] عنه عازبه [3] .



كأننا من أساري الروم بينهم

أو كلما قال المختار كاذبه



كفرتم برسول الله ويلكم!

يا أمة السوء قد ضاقت مذاهبه [4] .



قال: فلما جن عليهم الليل رفعوا الرأس علي قناة طويلة الي جانب الصومعة، فلما عسعس الليل سمع الراهب للرأس دويا كدوي الرعد و تسبيحا و تقديسا، و استأنس أنوارا ساطعة، فأطلع الراهب رأسه من الصومعة، فنظر الي الرأس و اذا هو يسطع نورا بعنان السماء [5] و نظر كتائب الي باب قد فتح من السماء و الملائكة ينزلون كتائب كتائب و يقولون: السلام عليك يابن رسول الله، السلام عليك يا أباعبدالله.

فجزع الراهب جزعا شديدا.

فلا أصبحوا هموا بالرحيل فأشرف الراهب عليهم، و نادي: من زعيم القوم؟

فقالوا: خولي بن يزيد الأصبحي.

فقال الراهب له: و ما الذي معكم؟

فقالوا: رأس خارجي خرج بأرض العراق، قتله عبيدالله بن زياد لعنه الله.

فقال: ما اسمه؟


فقالوا: اسمه الحسين بن علي بن أبي طالب، و أمه فاطمة الزهراء، و جده محمد المصطفي، صلي الله عليه و عليهم أجمعين.

فقال الراهب: تبا لكم و ترحا! [6] و لما جئتم به في طاعته، فقد صدقت الأخبار في قولها: انه اذا قتل هذا الرجل تمطر السماء دما عبيطا، و لا يكون هذا الا في قتل نبي أو وصي نبي.

ثم قال: أريد أن تدفعوا الي هذا الرأس ساعة واحدة و أرده عليكم.

فقال خولي لعنه الله: ما كنت بالذي أكشفه الا عند يزيد بن معاوية، [و] آخذ [منه] الجائزة.

فقال الراهب: و كم جائزتك؟

فقال: بدرة فيها عشرة آلاف درهم.

فقال الراهب: أنا أعطيك البدرة.

فقال: أحضر ما ذكرت.


پاورقي

[1] في المصدر: العيش.

[2] حمي الشي‏ء، يحميه، حميا، و حماية - بالکسر -: منعه...، «منه رحمه الله».

[3] العازب: الکلاء البعيد، «منه رحمه الله».

[4] فکنتم مثل من ضلت مذاهبه، «منه رحمه الله».

[5] عنان السماء - بالکسر -: ما بدالک منها اذا نظرتها، «منه رحمه الله».

[6] ترحا - محرکة -: الهم، و کفلس: الفقر، «منه رحمه الله».