مقتل عبدالله بن عفيف
قال: و بلغ ذلك ابن زياد لعنه الله فجمع قبائل مضر و ضمهم الي محمد بن الأشعث، فأمرهم بقتال القوم.
قال: فاقتتلوا قتالا شديدا، حتي قال بينهم جماعة من العرب.
قال: و وصل أصحاب ابن زياد لعنه الله الي دار عبدالله بن عفيف فكسروا الباب و اقتحموا عليه.
فصاحت ابنته: أتاك القوم من حيث تحذر.
فقال: لا عليك، ناوليني سيفي.
قال: فناولته اياه، فجعل يذب عن نفسه، و يقول:
أنا ابن ذي الفضل عفيف الطاهر
عفيف شيخي و ابن أم عامر
كم دارع من جمعكم و حاسر
و بطل جدلته مغادر
قال: و جعلت ابنته تقول: يا أبة! ليتني كنت رجلا اخاصم بين يديك اليوم هؤلاء الفجرة، قاتلي العترة البررة.
قال: و جعل القوم يدورون عليه من كل جهة، و هو يذب عن نفسه، فليس يقدر عليه أحد، [و] كلما جاؤوه من جهة، قالت ابنته: يا أبة! جاؤوك من جهة كذا، حتي تكاثروا عليه و أحاطوا به.
فقالت ابنته: وا ذلاه! يحاط بأبي و ليس له ناصر يستعين به.
فجعل يدير سيفه و هو يقول:
أقسم لو يفسح [1] لي عن بصري
ضاق عليكم موردي و مصدري
قال: فما زالوا به حتي أخذوه، ثم حمل فأدخل علي ابن زياد لعنه الله، فلما رآه قال: الحمد لله الذي أخزاك.
فقال له عبدالله بن عفيف: يا عدو الله! و بماذا أخزاني الله تعالي؟!
والله؛ لو يفسح لي عن بصري
ضاق عليك موردي و مصدري
فقال ابن زياد لعنه الله: يا عدو الله! ما تقول في عثمان بن عفان؟
قال: يا عبد بني علاج! يابن مرجانة! - و شتمه - ما أنت و عثمان بن
عفان؟! أساء أم أحسن؟ و أصلح أم أفسد؟ والله تبارك و تعالي ولي خلقه، يقضي بينهم و بين عثمان بالعدل و الحق، و لكن سلني عن أبيك و عنك و عن يزيد و أبيه.
فقال ابن زياد لعنه الله: والله؛ لا سألتك عن شي ء أو تذوق الموت [غصة بعد غصة].
فقال عبدالله بن عفيف: الحمد لله رب العالمين، أما اني قد كنت أسأل الله ربي أن يرزقني الشهادة قبل أن تلدك أمك، و سألت الله أن يجعل ذلك علي يدي ألعن خلقه و أبغضهم اليه، فلما كف بصري يئست من الشهادة، و الان فالحمد لله الذي رزقنيها بعد اليأس [منها ] و عرفني الجابة [بمنه] في قديم دعائي.
فقال ابن زياد لعنه الله: اضربوا عنقه، فضرب عنقه و صلب في السبخة [2] .
پاورقي
[1] الفسحة: الوسعة، «منه رحمه الله».
[2] اللهوف: 207 - 203، عنه البار: 121 - 119 / 45.