بازگشت

خطبة فاطمة الصغري في أهل الكوفة.


و فيه أيضا: عن زيد بن موسي بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: خطبت فاطمة الصغري عليهاالسلام بعد أن ردت من كربلاء، فقالت:

الحمد لله عدد الرمل و الحصي، وزنة العرش الي الثري، أحمده و أومن به و أتوكل عليه، و أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله صلي الله عليه و آله و سلم، و أن جمع الطغاة ذبحوا أولاده بشط الفرات من غير ذحل و لا تراث.

اللهم اني أعوذ بك أن أفتري عليك الكذب، و أن أقول خلاف ما أنزلت عليه من أخذ العهود لوصيه علي بن أبي طالب عليه السلام، المسلوب حقه، المقتول من غير ذنب كما قتل ولده بالأمس في بيت من بيوت الله، و بها معشر مسلمة بألسنتهم.


تعسا لرؤسهم ما دفعت عنه ضيما في حياته، و لا عند مماته حتي قبضته اليك محمود النقيبة، طيب الضريبة [1] ، معروف المناقب، مشهور المذاهب لم تأخذه فيك لومة لائم، و لا عذل عاذل، هديته يا رب للاسلام صغيرا، و حمدت مناقبه كبيرا، و لم يزل ناصحا لك و لرسولك صلوات الله عليه و آله حتي قبضته اليك زاهدا لك في الدنيا غير حريص عليها، راغبا في الاخرة، مجاهدا لك في سبيلك، رضيته فاخترته و هديته الي صراط مستقيم.

أما بعد؛ يا أهل الكوفة! يا أهل المكر و الغدر و الخيلاء! [2] ، انا أهل بيت ابتلانا الله تعالي بكم، و ابتلاكم بنا، فجعل بلاءنا حسنا، و جعل علمه عندنا و فهمه لدينا، فنحن عيبة علمه، وعاء فهمه، [و نحن تراجمة وحي الله] [3] و حكمته، و حجته في الأرض في بلاده [لعباده] .

أكرمنا الله بكرامته، و فضلنا بنبيه صلي الله عليه و آله و سلم علي كثير من خلقه تفضيلا، فكذبتمونا، و كفرتمونا، و رأيتم قتالنا حلالا، و أموالنا نهبا، كأنا أولاد ترك أو كابل.

[كما] قتلتم جدنا بالأمس، و سيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت لحقد متقدم قرت بذلك عيونكم [و فرحت به قلوبكم] اجتراء منكم علي الله، و مكرا مكرتم، و الله خير الماكرين.

و لا تدعونكم أنفسكم الي الجذل [4] بما أصبتم من دمائنا، و نالت أيديكم من


أموالنا، فان ما أصابنا من المصائب الجليلة، و الرزايا العظيمة (في كتاب الله من قبل أن نبرأها ان ذلك علي الله يسير - لكيلا تأسوا علي ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كلض مختال فخور) [5] .

تبا لكم! فانتظروا اللعنة و العذاب، فكأن قد حلت بكم، و تواترت من السماء نقمات [6] فيسحتكم بما كسبتم، و يذيق بعضكم بأس بعض، ثم تخلدون في العذاب الأليم يوم القيامة بما ظلمتمونا، ألا لعنة الله علي الظالمين.

ويلكم! أتدرون أية يد طاعنتنا منكم؟

و أية نفس نزعت الي قتالنا؟

أم بأية رجل مشيتم الينا، تبتغون محاربتنا؟

قست قلوبكم، و غلظت أكبادكم، و طبع علي أفئدتكم، و ختم علي سمعكم و بصركم، و سول لكم الشيطان، و أملي لكم، و جعل علي بصركم غشاوة، فأنتم لا تهتدون.

تبا لكم يا أهل الكوفة! كم تراث لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قبلكم؟ و ذحول له لديكم؟ ثم غدرتم بأخيه علي بن أبي طالب عليه السلام جدي و بينه عترة النبي الطاهرين الأخيار، فافتخر بذلك مفتخر فقال:



قد [7] قتلنا عليا و بني علي

بسيوف هندية و رماح



و سبينا نساءهم سبي ترك

و نطحناهم [8] أي نطاح




فقالت: بفيك أيها القائل! الكثكث [9] ، و لك الأثلب [10] أفتخرت بقتل قوم زكاهم الله، و طهرهم و أذهب عنهم الرجس، فاكظم واقع كما أقعي أبوك، و انما لك امرء ما قدمت يداه، حسدتمونا، ويلالكم علي ما فضلنا الله تعالي.



فما ذنبنا ان جاش دهرا بحورنا

و بحرك ساج لايواري الدعامصا [11] .



(ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) [12] (و من لم يجعل الله له نورا فماله من نور) [13] .

قال: فارتفعت الأصوات بالبكاء، و قالوا: حسبك يا بنت الطيبين! فقد أحرقت قلوبنا، و أنضجت نحورها، و أضرمت أجوافنا، فسكتت، عليها و علي أبيها وجدها الصلاة و السلام [14] .


پاورقي

[1] في البحار: العريکة.

[2] الخيلاء - بالضم و الکسر -: الکبر، «منه رحمه الله».

[3] ليس في المصدر و البحار.

[4] الجذل: الفرح.

[5] الحديد: 22 و 23.

[6] نقمات - ککلمات - جمع نقمة - بالکسر و الفتح: و هي المکانات بالعقوبة، «منه رحمه الله».

[7] في المصدر و البحار: نحن.

[8] نطحه: أصابه بقرنه، «منه رحمه الله».

[9] الکثکت - کجعفر و زبرج -: التراب... «منه رحمه الله».

[10] الأثلب، و يکسر: التراب و الحجارة، «منه رحمه الله».

[11] الدعامص - جمع دعموص -: و هو دويبة صغيرة تکون في مستنقع الماء، و البيت للأعنشي.

[12] الجمعة: 4.

[13] النور: 40.

[14] الاحتجاج: 29 - 27 / 2، البحار: 112 - 110 / 45، مع اختلاف يسير.