بازگشت

قصة الجمال


و في «البحار» و «المنتخب» عن سعيد بن المسيب قال: لما استشهد سيدي و مولاي الحسين عليه السلام، و حج الناس من قابل دخلت علي علي بن الحسين عليه السلام فقلت له: يا مولاي! قد قرب الحج فماذا تأمرني؟

فقال عليه السلام: امض علي نيتك و حج.

فحججت فبينما أطوف بالكعبة و اذا برجل مقطوع اليدين و وجهه كقطع [1] .


الليل المظلم، و هو متعلق بأستار الكعبة، و هو يقول: اللهم رب هذا البيت الحرام، اغفر لي، و ما أحسب أن تفعل، و لو تشفع في سكان سماواتك و أرضك، و جميع ما خلقت، لعظم جرمي.

قال سعيد بن المسيب: فشغلت و شغل الناس عن الطواف حتي حف به الناس و اجتمعنا عليه فقلنا: يا ويلك! لو كنت ابليس ما كان ينبغي لك أن تيأس من رحمة الله تعالي، فمن أنت؟ و ما ذنبك؟

فبكي، و قال، يا قوم! أنا أعرف بذنبي و نفسي و ما جنيت.

فقلنا له: تذكره لنا؟

فقال: أنا كنت جمالا لأبي عبدالله الحسين عليه السلام لما خرج من المدينة الي العراق، و كنت أراه اذا أراد الوضوء للصلاة يضع سراويله عندي، فأري تكته تغشي الأبصار بحسن اشراقها، و كنت أتمناها تكون لي، حتي صرنا بكربلاء، و قتل الحسين عليه السلام، و هي معه، فدفنت نفسي في مكان من الأرض.

فلما جن الليل، خرجت من مكاني فرأيت من تلك المعركة نورا لا ظلمة، و نهارا لا ليلا، و القتلي مطرحين علي وجه الأرض، فذكرت لخيبتي و شقائي التكة فقلت: والله؛ لأطلبن الحسين، و أرجو أن تكن التكة في سراويله فآخذها.

و لم أزل أنظر في وجوه القتلي حتي أتيت الي الحسين عليه السلام، فوجدته مكبوبا علي وجهه و هو جثة بلا رأس، و نوره مشرق مرمل بدمائه، و الرياح سافية عليه.

فقلت: هذا والله؛ الحسين عليه السلام، فنظرت الي سراويله كما كنت أراها،


فدنوت منه، و ضربت بيدي الي التكة [لآخذها]، فاذا هو قد عقدها عقدا كثيرة، فلم أزل احلها حتي حللت عقدة منها.

فمد يده اليمني و قبض علي التكة، فلم أقدر علي أخذ يده عنها و لا أصل اليها، فدعتني نفسي الملعونة الي أن أطلب شئيا أقطع به يديه، فوجدت قطعة سيف مطروح، فأخذتها، و انتكيت [2] علي يديه، و لم أزل أحزها حتي فصلتها عن زنده.

ثم نحيتها عن التكة [و مددت يدي الي التكة] [3] لاحلها، فمد يده اليسري، فقبض عليها فلم أقدر علي أخذها، فأخذت قطعة السيف.

و لم أزل أحزها حتي فصلتها عن التكة، و مددت يدي الي التكة لآخذها، فاذا الأرض ترجف و السماء تهز، و اذا بغلبة عظيمة، و بكاء و نداء و قائل يقول:

وا ابناه! وا مقتولاه! وا ذبيحاه! وا حسيناه! وا غريباه! يا بني قتلوك و ما عرفوك، و من شرب الماء منعوك.

فلمار أيت ذلك صعقت و رميت نفسي بين القتلي، و اذا بثلاث نفر و امرأة و حولهم خلائق وقوف، و قد امتلأ الأرض بصور الناس و أجنحة الملائكة، و اذا بواحد منهم يقول:

يا ابناه! يا حسين! فداك جدك [و أبوك] [4] و أمك و أخوك.

و اذا بالحسين عليه السلام قد جلس و رأسه علي بدنه و هو يقول:

لبيك يا جداه! يا رسول الله! و يا أبتاه يا أميرالمؤمنين! و يا أماه يا فاطمة


الزهراء! و يا أخا المقتول بالسم! عليكم مني السلام.

ثم انه بكي و قال: يا جداه! قتلوا والله؛ رجالنا، يا جداه! سلبوا والله؛ نساءنا، يا جداه [قتلوا والله؛ أطفالنا، يا جداه!] [5] يعز [والله؛] [6] عليك أن تري حالنا، و ما فعل الكفار بنا.

و اذا هم جلسوا يبكون حوله علي ما أصابه، و فاطمة عليهاالسلام تقول:

يا أباه! يا رسول الله! أما تري ما فعلت امتك بولدي؟ أتأذن لي أن آخذ من دم شيبه و أخضب به ناصيتي، و ألقي الله عزوجل و أنا مختضبة بدم ولدي الحسين عليه السلام؟

فقال لها: خذي، و نأخذ يا فاطمة!

فرأيتهم يأخذون من دم شيبه و تمسح به فاطمة عليهاالسلام ناصيتها و النبي صلي الله عليه و آله و سلم و علي عليه السلام و الحسن عليه السلام يمسحون به نحورهم و صدورهم و أيديهم الي المرافق.

و سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: فديتك يا حسين! يعز والله؛ علي أن أراك مقطوع الرأس، مرمل الجبينين، دامي النحر، مكبوبا علي قفاك، قد كساك الذاري من الرمول، و أنت طريح مقتول، مقطوع الكفين.

يا بني! من قطع يدك اليمني، و ثني باليسري؟

فقال: يا جداه! كان معي جمال من المدينة، و كان يراني اذا وضعت سراويلي للوضوء فيتمني أن تكون تكتي له، فما منعني أن أدفعها اليه الا لعلمي أنه صاحب هذا الفعل، فلما قتلت خرج يطلبني بين القتلي، فوجدني جثة بلا رأس فتفقد سراويلي فرآي التكة و قد كنت عقدتها عقدا كثيرة، فضرب بيده الي التكة فحل عقدة منها.


فمددت يدي اليمني، فقضبت علي التكة، فطلب في المعركة فوجد قطعة سيف مكسور، فقطع به يميني، ثم حل عقدة اخري، فقبضت علي التكة بيدي اليسري، لئلا [7] يحلها، فتنكشف عورتي، فحز يدي اليسري، فلما أراد حل التكة حس بك فرمي بنفسه بين القتلي.

فلما سمع النبي صلي الله عليه و آله و سلم [كلام الحسين عليه السلام] بكي بكاء شديدا، و أتي الي بين القتلي الي أن وقف نحوي، فقال:

مالي و مالك يا جمال؟! تقطع يدين طال ما قبلهما جبرئيل و ملائكة الله أجمعون، و تباركت بهما أهل السماوات و الأرضين؟!

أما كفاك ما صنع به الملاعين من الذل و الهوان، هتكوا نساءه من بعد الخدور، و انسدال الستور؟

سود الله وجهك يا جمال في الدنيا و الاخرة، و قطع الله يديك و رجليك، و جعلك في حزب من سفك دمائنا و تجرء علي الله تعالي.

فما استتم دعائه صلوات الله عليه و آله حتي شلت يداي، و حسست بوجهي كأنه ألبس قطعا من الليل مظلما، و بقيت علي هذه الحالة، فجئت الي هذا البيت أستشفع، و أنا أعلم أنه لا يغفر لي أبدا.

فلم يبق في مكة أحد الا و سمع حديثه، و تقرب الي الله تعالي بلعنته، و كل يقول: حسبك ما جنيت يا لعين! (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) [8] .



پاورقي

[1] القطع - بالکسر -: ظلمة آخر الليل، أو القطعة منه، «منه رحمه الله».

[2] في البحار: و اتکيت.

[3] من البحار.

[4] من البحار.

[5] من البحار.

[6] من البحار.

[7] في البحار: کي لا.

[8] المنتخب: 92 - 90، البحار: 319 - 316 / 45.