بازگشت

فرس الحسين يركض نحو خيمة النساء


و في بعض الكتب المعتبرة - و يمكن أن يستشم هذا المضمون من المنتخب -: أنه لما قتل الحسين عليه السلام جعل فرس الحسين عليه السلام يصهل و يحمحم و يتخطي القتلي في المعركة قتيلا بعد قتيل، حتي وقف علي الجسد الشريف فوجده جسدا بلا رأس، فجعل يدور حوله و يمرغ عرفه و ناصيته بدم الحسين عليه السلام و يصهل صهيلا عالية.

فنظر اليه عمر بن سعد لعنه الله و صاح بالرجال و قال: ويلكم! دونكم فرس الحسين خذوه و اتوني به.

و كان من جياد خيل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فتراكضت الفرسان اليه، فلما أحس الجواد بهم جعل يمانع عن نفسه و يكدم [1] بفيه و يرمح بيديه و رجليه، فيثب علي الفارس فيخبطه [2] عن فرسه و يدوسحه حتي قتل أربعين رجلا و عشرين من رؤوس الخيل، و لم يقدروا عليه.

فصاح ابن سعد لعنه الله: ويلكم! تباعدوا عنه حتي ننظر ما يصنع؟

فتابعدوا عنه، فلما خف الناس من حوله و أمن من الطلب جعل يتخطي القتلي، و يطلب الحسين عليه السلام حتي اذا وصل اليه جعل يشم رائحته، و يمرغ ناصيته بدمه، و يقبل بعينيه و هو مع ذلك يصهل صهيلا عاليا، و يبكي بكاء الثكلي، حتي


أعجب كل من حضر.

قال: فلما سمعت زينب بنت علي عليه السلام صهيله أقبلت علي سكينة و قالت لها: قد جاء أبوك بالماء.

فخرجت سكينة فرحانة بذكر أبيها و الماء، فرأت الجواد عاريا، و السرج خاليا من راكبه، فهتكت خمارها و نادت:

وا قتيلاه! وا أبتاه! وا حسناه! وا حسيناه! وا غربتاه! وا بعد سفراه! وا طول كربتاه! هذا الحسين بالعراء، مسلوب العمامة و الرداء، قد أخذ منه الخاتم و الحذاء.

بأبي من رأسه بأرض و جثته بأخري؛

بأبي من رأسه الي الشام يهدي؛

بأبي من أصبحت حريمة مهتوكة بين الأعداء؛

بأبي من عسكره يوم الاثنين مضي.

ثم بكت بكاء عاليا و أنشأت تقول:



مات الفخار و مات الجود و الكرم

وا غبرت الأرض و الافاق و الحرم



و أغلق الله أبواب السماء فلا

ترقي لهم دعوة تجلي بها الهمم [3] .






يا أخت قومي انظري هذا الجواد أتي

ينبئك أن ابن خير الخلق مخترم [4] .



مات الحسين فيالهفي لمصرعه

و صار يعلو ضياء الامة الظلم



ياموت هل من فدي؟ ياموت هل عوض؟

الله ربي من الفجار ينتقم



قال: فلما سمع باقي الحرم شعرها خرجن فنظرن الي الفرس عاريا و السرج خاليا، فجعل يلطمن الخدود، و يشققن الجيوب، و ينادين و يقلن:

وا محمداه! وا علياه! وا حسناه! وا حسيناه! اليوم مات محمد المصطفي، اليوم مات علي المرتضي، اليوم ماتت فاطمة الزهراء.

ثم بكت ام كلثوم و أو مأت الي اختها زينب عليهاالسلام و أنشأت تقول الي آخر الأبيات في محله [5] .

قال عبدالله بن قيس: فنظرت الي الجواد قد رجع من الخيمة و قصد الفرات و رمي بنفسه فيه، و ذكر أنه يظهر عند صاحب الزمان عجل الله فرجه [6] .

و في «البحار»: عن صاحب «المناقب» و محمد بن أبي طالب قالا: و أقبل فرس الحسين عليه السلام و قد عدا من بين أيديهم أن لا يؤخذ، فوضع ناصيته في دم الحسين عليه السلام، ثم أقبل يركض نحو خيمة النساء، و هو يصهل و يضرب برأسه الأرض عند الخيمة حتي مات.


فلما نظر أخوات الحسين عليه السلام و بناته و أهله الي الفرس ليس عليه أحد، رفعن أصواتهن بالبكاء و العويل، و وضعت أم كلثوم يدها علي أم رأسها و نادت:

وا محمداه! وا جداه! وا نبياه! وا أبا القاسماه! وا علياه! وا جعفراه! وا حمزتاه! وا حسناه! هذا حسين بالعراء، صريع بكربلاء، محزوز الرأس من القفا، مسلوب العمامة و الرداء.

[ثم غشي عليها] [7] .



پاورقي

[1] کدمه، يکدمه: عضه بأدني فمه، «منه رحمه الله».

[2] خبطه، يخبطه: ضربه شديدا، «منه رحمه الله».

[3] جلي الهم عنه: أذهب، الهم: الحزن، جمع: الهموم، «منه رحمه الله».

[4] اخترم فلان عنا: مات، و اخترمته المنية: أخذته، «منه رحمه الله».

[5] راجع! مقتل الحسين عليه‏السلام: 151.

[6] لا حظ! المنتخب: 453 - 452، و أورد نحوه في مقتل الحسين عليه‏السلام: 152 - 149.

[7] البحار: 60 / 45.