شهادته
و في «اللهوف» قال: و صاح الشمر بأصحابه: ما تنتظرون بالرجل؟
قال: فحملوا عليه من كل جانب.
فضربه زرعة بن شريك علي كتفه اليسري، و ضرب الحسين عليه السلام زرعة، فصرعه.
و ضربه آخر علي عاتقه المقدس بالسيف ضربة كب بها لوجهه، و كان عليه السلام قد أعيا و جعل يقوم و يكب.
فطعنه سنان بن أنس النخعي في ترقوته، ثم انتزع الرمح، فطعنه في بواقي صدره.
ثم رماه سنان أيضا بسهم، فوقع السهم في نحره، فسقط عليه السلام و جلس قاعدا، فنزع السهم من نحره، و قرن كفيه جميعا، فكلما امتلأتا من دمائه خضب بهما رأسه و لحيته و هو يقول: هكذا ألقي الله مخضبا [بدمي] مغصوبا علي
حقي [1] .
و في خبر أبي مخنف: وخر صريعا مغشيا عليه، فلما أفاق من غشيته و ثب ليقوم للقتال فلم يقدر، فبكي بكاء عاليا و نادي:
وا جداه! وا محمداه! وا أبتاه! وا علياه!
ثم غشي عليه [فبقي مكبوبا علي وجهه] [2] ثلاث ساعات من النهار و القوم في حيرة في قتله خوفا أنه حي أو مات [3] .
و في «البحار» عن صاحب «المناقب» و محمد بن أبي طالب: فنادي شمر لعنه الله: ويلكم ما تنتظرون به؟ أقتلوه ثكلتكم امهاتكم.
فضربه زرعة بن شريك فأبان كفه اليسري، ثم ضربه علي عاتقه ثم انصرفوا عنه، و هو يكبو مرة و يقوم اخري.
فحمل عليه سنان في تلك الحال، فطعنه بالرمح فصرعه، و قال لخولي بن يزيد: اجتز رأسه! فضعف و ارتعدت يده فقال له سنان: فت الله عضدك، و أبان يدك [4] .
و قال أبومخنف: و بقي الحسين عليه السلام مكبوبا علي الأرض ملطخا بدمه ثلاث ساعات من النهار رامقا بطرفه الي السماء، و يقول:
صبرا علي قضائك يا رب، لا معبود سواك، يا غياث المستغيثين.
فابتدر اليه أربعون رجلا كل منهم يريد جز رأسه الشريف، و عمر بن سعد
لعنه الله يقول: ويلكم عجلوا عليه.
و كان أول من ابتدر اليه شبث بن ربعي، و بيده سيف محدد، فدني منه ليجتز رأسه الشريف، فرمقه بطرفه الشريف، فرمي السيف من يده و ولي هاربا [5] .
قال صاحب «الأصل»: قد اختلف علماؤنا رضوان الله عليهم في قاتله صلوات الله عليه، و روح العالمين فداه.
ففي «مجالس الصدوق» باسناده عن علي بن الحسين عليه السلام أنه قال:
و أقبل عدو الله سنان الأيادي و شمر بن ذي الجوشن العامري لعنهما الله تعالي في رجال من أهل الشام حتي وقفوا علي رأس الحسين عليه السلام، فقال بعضهم لبعض: ما تنتظرون؟ أريحوا الرجل.
فنزل سنان بن أنس الأيادي لعنه الله و أخذ بلحية الحسين عليه السلام و جعل يضرب بالسيف في حلقه و هو يقول: و الله؛ لأحتز رأسك، و أنا أعلم أنك ابن رسول الله، و خير الناس أبا و اما!! [6] .
و قال السيد رحمه الله: فنز اليه سنان بن أنس النخعي لعنه الله و ضرب بالسيف في حلقه الشريف و هو يقول: والله؛ اني لأجتز رأسك، و أعلم أنك ابن رسول الله، و خير الناس أبا و أما!!!
ثم احتز رأسه المقدس المعظم صلوات الله و سلامه عليه، و في ذلك يقول الشاعر:
فأي رزية عدلت حسينا
غداة تبيره كفا سنان
ثم قال: و روي: أن سنانا هذا أخذه المختار، فقطع أنامله أنملة أنملة، ثم قطع يديه و رجليه و أغلي له قدرا فيه زيت، و رماه فيها و هو يضطرب.
قال: و ارتفعت في السماء في ذلك الوقت غبرة شديدة سوداء مظلمة، فيها ريح حمراء، لا يري فيها عين و لا أثر، حتي ظن القوم أن العذاب قد جاءهم، فلبثوا كذلك ساعة، ثم انجلت عنهم [7] .
و في «المنتخب»: بعد ما أقبل لعنه الله الي الحسين عليه السلام و كان قد غشي عليه، فدني اليه و برك علي صدره، فحس به عليه السلام و قال: يولك! من أنت فقد ارتقيت مرتقا عظيما؟
فقال: انا الشمر.
فقال له: ويلك من أنا؟
فقال: أنت الحسين بن علي بن فاطمة الزهراء، وجدك محمد المصطفي.
فقال الحسين عليه السلام: يا ويلك! اذا عرفت هذا حسبي ونسبي فلم تقتلني؟
فقال الشمر لعنه الله: ان لم أقتلك فمن يأخذ الجائزة من يزيد؟
فقال: أيما أحب اليك الجائزة من يزيد، أو شفاعة جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم؟
فقال اللعين: دانق من الجائزة أحب الي منك و من جدك.
فقال الحسين عليه السلام: اذا كان لابد من قتلي فاسقني شربة من الماء.
فقال اللعين: هيهات! والله؛ لا ذقت قطرة من الماء حتي تذوق الموت غصة بعد غصة.
فقال له الحسين عليه السلام: اكشف عن وجهك و بطنك.
فكشف له: فاذا هو أبقع أبرص، له صورة تشبه الكلاب و الخنازير!
فقال الحسين عليه السلام: صدق جدي صلي الله عليه و آله و سلم فيما قال.
فقال اللعين: و ما قال جدك؟
قال: كان يقول لأبي: يا علي! يقتل ولدك هذا رجل أبقع أبرص أشبه الخلق بالكلاب و الخنازير.
فغضب الشمر لعنه الله من ذلك، و قال: تشبهني بالكلاب و الخنازير، فوالله؛ لأذبحنك من قفاك، ثم قلبه علي وجهه، و جعل اللعهين لعنه الله تعالي يقطع أوداجه روحي له الفداء [8] .
قال أبومخنف رحمه الله: و هو لعنه الله يقول:
أقتلك اليوم و نفسي تعلم
علما يقينا ليس فيه مزعم [9] .
أن أباك خير من تكلم
بعد النبي المصطفي المعظم
أقتلك اليوم و سوف أندم
و ان مثواي غدا جهنم
قال: و كلما قطع منه عضوا نادي: وا محمداه! وا جداه! وا أبتاه! وا حسناه! وا جعفراه! وا عقيلاه! وا عباساه! وا قتيلاه! وا قلة ناصراه! [وا غربتاه!] [10] .
و في «المنتخب»: أقتل [11] عطشانا وجدي محمد المصطفي، أذبح [12] عطشانا و أبي علي المرتضي، و امي فاطمة الزهراء.
فلما اجتز الملعون رأسه عليه السلام شاله في قناة فكبر، و كبر العسكر معه!! [13] .
و في خبر أبي مخنف: و كبر العسكر ثلاث تكبيرات، و تزلزت الأرض و أظلم الشرق و الغرب، و أخذت الناس الرجفة و الصواعق، و أمطرت السماء دما عبيطا، و نادي مناد من السماء:
قتل والله؛ الامام بن الامام، أخو الامام أبوالأئمة الحسين بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام [14] .
و في «البحار» عن «تاريخ النبوي» [15] قال: قال أبوقبيل:
لما قتل الحسين بن علي عليهماالسلام كسفت الشمس كسفة بدت الكواكب نصف النهار حتي ظننا أنها هي [16] [17] .
پاورقي
[1] اللهوف: 175 و 176، البحار: 55 - 54 / 45 مع اختلاف.
[2] ليس في المصدر.
[3] مقتل الحسين عليهالسلام: 141.
[4] البحار: 56 - 5 / 45.
[5] مقتل الحسين عليهالسلام: 143 - 142.
[6] أمالي الصدوق: 226 المجلس 30.
[7] اللخوف: 176 و 177، الدمعة الساکبة: 4 / 356 و 357.
[8] المنتخب: 452 - 451.
[9] في المصدر: مغرم.
[10] مقتل الحسين عليهالسلام: 147 - 146، البحار: 56 / 45 (نحوه).
[11] في المصدر: أاقتل.
[12] في المصدر: أاقتل.
[13] المنتخب: 452.
[14] مقتل الحسين عليهالسلام: 147.
[15] في البحار: النسوي.
[16] قال العلامة المجلسي رحمه الله: «أنها هي» أي القيامة.
[17] البحار: 216 / 45 ذ ح 39.