بازگشت

في وداعه مع الامام السجاد


ثم ذهب الي خيم النساء فجاء الي خيمة ولده علي زين العابدين عليه السلام فرآه ملقي علي نطع [1] من الأديم، فدخل عليه و عنده زينب عليهاالسلام تمرضه، فلما نظر علي بن الحسين عليه السلام أراد النهوض فلم يتمكن من شدة المرض، فقال [لعمته]: سنديني الي صدرك فهذا ابن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قد أقبل.

فجلست زينب عليهاالسلام خلفه و أسندته الي صدرها، فجعل الحسين عليه السلام يسأل ولده عن مرضه، و هو يحمد الله تعالي.

ثم قال: يا أبتاه! ما صنعت اليوم مع هؤلاء المنافقين؟

فقال له الحسين عليه السلام: يا ولدي! [قد] استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله و قد شب الحرب بيننا و بينهم حتي فاضت الأرض بالدم منا و منهم.

فقال علي عليه السلام: يا أبتاه! و أين عمي العباس عليه السلام؟


فلما سأله عن عمه اختنقت زينب عليهاالسلام بعبرتها و جعلت تنظر الي أخيها كيف يجيبه، لأنه يخبره بشهادة عمه العباس عليه السلام خوفا لأن يشتد مرضه.

فقال له: يا بني! ان عمك قد قتل، قطعوا يديه علي شاطي ء الفرات.

فبكي علي بن الحسين عليه السلام بكاء شديدا حتي غشي عليه، فلما أفاق من غشيته جعل يسأل عن كل واحد من عمومته، و الحسين عليه السلام يقول له: قتل.

فقال: و أين أخي علي، و حبيب بن مظاهر، و مسلم بن عوسجة، و زهير بن قين؟

فقال له: يا بني! اعلم أنه ليس للخيام رجل حي الا أنا و أنت، و أما هؤلاء الذين تسأل عنهم فكلهم صرعي علي وجه الثري.

فبكي علي بن الحسين عليهماالسلام بكاء شديدا، ثم قال لعمته زينب عليهاالسلام: يا عمتاه! علي بالسيف و العصا.

فقال له أبوه: و ما تصنع بهما؟

فقال: أما العصا؛ فأتوكأ عليها، و أما السيف، فأذب به بين يدي ابن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فانه لا خير في الحياة بعده.

فمنعه الحسين عليه السلام من ذلك و ضمه الي صدره و قال له:

يا ولدي! أنت أطيب ذريتي، و أفضل عترتي، و أنت خليفتي علي هؤلاء العيال و الأطفال، فانهم غرباء مخذولون قد شملتهم الذلة و اليتم، و شماتة الأعداء و نوائب الزمان، سكتهم اذا صرخوا، و آنسهم اذا استوحشوا، وسل خواطرهم بلين الكلام، فانهم ما بقي من رجالهم مما يستأنسون به غيرك، و لا أحد عندهم يشكون اليه حزنهم سواك، دعهم يشموك و تشمهم، و يبكوا عليك وتبك عليهم.


ثم لزمه بيده صلوات الله عليه وصاح باعلي صوته:

يا زينب! و يا ام كلثوم! و يا سكينة! و يا رقية! و يا فاطمة! اسمعن كلامي و اعلمن ان ابني هذا خليفتي عليكم و هو امام مفترضة الطاعة.

ثم قال له: يا ولدي! بلغ شيعتي عني السلام، فقل لهم: ان ابي مات غريبا فاندبوه، و مضي شهيدا فابكوه [2] .


پاورقي

[1] النطع - بالکسر و الفتح و بالتحريک، و کعنب -: بساط من الأيدم، «منه رحمه الله».

[2] الدمعة الساکبة: 4 / 351 و 352.