مبارزة الامام الحسين و شجاعته
و في «البحار»: ثم قال الحسين عليه السلام و ركب فرسه و تقدم عليه السلام الي القتال و هو يقول:
كفر القوم و قدما [1] رغبوا
عن الثواب الله رب العالمين [2] .
قتلوا القوم عليا و ابنه
حسن الخير كريم الأبوين
حنقا منهم و قالوا اجمعوا
و احشروا الناس الي حرب الحسين
يا لقوم من أناس رذل
جمعوا الجمع لأهل الحرمين
ثم صاروا [3] و تواصوا كلهم
باجتياجي لرضاء الملحدين
لم يخافوا الله من سفك دمي
لعبيدالله نسل الكافرين
و ابن سعد قد رماني عنوة
بجنود كوكوف [4] الهاطلين
لا لشي ء كان مني قبل ذا
غير فخري بضياء النيرين
بعلي الخير من بعد النبي
و النبي القرشي الوالدين
خيرة [5] الله من الخلق أبي
ثم امي فأنا ابن الخيرتين
فضة قد خلصت من ذهب
فأنا الفضة و ابن الذهبين
من له جد كجدي في الوري
أو كشيخي فأنا ابن العلمين
فاطم الزهراء أمي و أبي
قاصم الكفر ببدر و حنين
عبدالله غلاما يافعا
و قريش يعبدون الوثنين
يعبدون اللات و العزي معا
و علي كان صلي القبلتين
فأبي شمس و أمي قمر
و أنا الكوكب بين [6] القمرين
و له في يوم احد وقعة
شفت الغل بفض العسكرين
ثم في الأحزاب و الفتح معا
كان فيها حتف أهل الفيلقين
في سبيل الله ماذا صنعت
أمة السوء معا بالعترتين
عترة البر النبي المصطفي
و علي الورد يوم الحجفلين
و فيه أيضا: ثم وقف قبالة القوم و سيفه عليه السلام مصلت في يده آيسا من الحياة عازما علي الموت و هو عليه الصلاة و السلام يقول:
أنا ابن علي الطهر من آل هاشم
كفاني بهذا مفخرا حين أفخر
و جدي رسول الله أكرم من مشي [7] .
و نحن سراج الله في الأرض نزهر
و فاطم أمي من سلالة أحمد
و عمي يدعي ذاالجناحين جعفر
و فينا كتاب [الله انزل صادقا
و فينا الهدي و الوحي بالخير يذكر]
[و نحن أمان الله] للناس كلهم
نسر بهذا في الأنام و نجهر
و نحن ولاة الحوض نسقي ولاتنا
بكاس رسول الله ما ليس ينكر
و شيعتنا في الناس أكرم شيعة
و مبغضنا يوم القيامة يخسر
[و طوبي لعبد زارنا بعد موتنا
بجنة عدن صفوها لا يكدر] [8] [9] .
و في «أمالي الصدوق»: باسناده عن أبان بن تغلب قال: قال أبوعبدالله الصادق عليه السلام:
ان أربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي عليهماالسلام، فلم يأذن لهم في القتال، فرجعوا في الاستئذان، و هبطوا و قد قتل الحسين عليه السلام فهم عند قبره شعث غبر يبكونه الي يوم القيامة، و رئيسهم ملك يقال له: منصور [10] .
و في «المنتخب»: نقل أن الحسين عليه السلام لما كان في موقف كربلاء أتته أفواج من الجن الطيارة و قالوا له: يا حسين! نحن أنصارك فمرنا بما تشاء، فلو
أمرتنا بقتل كل عدو لكم لفعلنا.
فجزاهم خيرا، و قال لهم:
اني لا أخالف جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حيث أمرني بالقدوم عاجلا، و أني قد رقدت ساعة، فرأيت جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قد ضمني الي صدره و قبل ما بين عيني، و قال لي:
يا حسين! ان الله عزوجل قد شاء أن يراك مقتولا ملطخا بدمائك، مذبوحا من قفاك، و قد شاء الله أن يري حرمك سبايا علي أقتاب المطايا.
و اني والله؛ سأصبر حتي يحكم الله بأمره و هو خير الحاكمين [11] .
و في خبر أبي مخنف قال: ثم زلف نحو القوم و قال:
يا ويلكم! علي م تقاتلوني؟ علي حق تركته؟ أم علي سنة غيرتها؟ أم علي شريعة بدلتها؟
فقالوا: بل نقاتلك بغضا و عنادا منا لأبيك، و ما فعل بأشياخنا يوم بدر و حنين.
فلما سمع كلامهم صلوات الله عليه بكي بكاء شديدا، و جعل ينظر يمينا و شمالا فلم ير أحدا من أنصاره الا من صافح التراب جبينه... الي أن قال:
ثم حمل علي القوم بمهجته الشريفة روحي و روح العالمين له الفداء، فحمل عليهم حملة منكرة، و فرقهم و قتل منهم في حملته ألفا و خسمائة فارس [12] .
و في «المنتخب»: ثم ان الحسين عليه السلام أقبل الي عمر بن سعد لعنه الله و قال:
أخيرك في ثلاث خصال:
قال: و ما هي؟
قال: تتركني حتي أرجع الي المدينة الي حرم جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.
قال: مالي الي ذلك سبيل.
قال: اسقوني شربة من الماء، فقد نشفت [13] كبدي من [شدة] [14] الظماء.
فقال: و لا الي الثانية من سبيل.
قال: و ان كان لابد من قتلي فليبرز الي رجل [بعد] رجل.
فقال: ذلك لك [15] .
و في «البحار»: انه دعي الناس الي البراز، فلم يزل يقتل كل من دني منه من عيون الرجال حتي قتل منهم مقتلة عظيمة [16] .
و في «اللهوف»: و هو في ذلك يقول:
القتل أولي من ركوب العار
و العار أولي من دخول النار [17] .
و في «البحار»: ثم حمل علي الميمنة، و هو يقول: الموت خير من ركوب العار.
ثم حمل علي الميسرة و هو يقول:
أنا الحسين بن علي
آليت أن لا أنثني
أحمي عيالات أبي
أمضي علي دين النبي [18] .
و في «اللهوف»: قال بعض الرواة: فوالله؛ ما رأيت مكسورا [19] قط قد قتل ولده و أهل بيته و أصحابه أربط جاشا منه، و ان الرجل كانت لتشد عليه فيشد عليها بسيفه فتنكشف منه انكشاف المعزي اذا شد فيها الذئب.
و لقد كان يحمل عليهم، و قد تكملوا ثلاثين ألفا، فينهزمون بين يديه كأنهم الجراد المنتشر، ثم يرجع الي مركزه و هو يقول: لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم [20] .
و في «المعدن»: عن حميد بن مسلم قال: والله؛ لقد رأيت شيبته مخضوبة بالدم، و درعه بان عليه بنيانا، و ليس يري للناظرين، و هو اذا شد عليهم انكشفوا من بين يديه انكشاف الغنم اذا شد عليها الذئب [21] .
و في «البحار»: و لم يزل يقاتل حتي قتل ألف رجل و تسعمائة رجل و خمسين رجلا سوي المجروحين [22] .
و في «المنتخب»: ثم انه عليه السلام لم يزل يحمل علي القوم و يقاتلهم حتي قتل من القوم ألوفا، فلما نظر الشمر لعنه الله الي ذلك قال لعمر بن سعد لعنه الله: أيها الأمير! والله؛ لو برز الي الحسين عليه السلام أهل الأرض لأفناهم عن آخرهم، فالرأي أن نفترق عليه و نملأ الأرض بالفرسان و الرماح و النبل و نحيط به من كل جانب.
و قد فعلوا ذلك و جعل الحسين عليه السلام يحمل مرة علي الميمنة و اخري علي الميسرة حتي قتل - علي ما نقل - ما يزيد علي عشرة آلاف فارس و لا يبين النقص فيهم لكثرتهم [23] .
قال صاحب «الاصل»: أقول: و يؤيده ما نقل أن بعد وقعة كربلاء نسي الناس مقاتل أميرالمؤمنين عليه السلام و يذكرون جلادة الحسين عليه السلام في ذلك اليوم.
قال صاحب «الاصل»: و في بعض الكتب المعتبرة:
أنه لما نظر القوم ما فعل بهم الحسين عليه السلام قال رجل من القوم - و قيل: انه عمر ابن سعد لعنه الله كما في «البحار» -: الويل لكم أتدرون لمن تقاتلون؟ هذا ابن الأنزع البطين، هذا ابن قتال العرب، فأحملوا عليه من كل جانب، و كانت الرماة أربعة آلاف فرموه بالسهام فحالوا بينه و بين رحله [24] .
ثم قال في «البحار»: قال ابن أبي طالب و صاحب «المناقب» و السيد رحمه الله: فصاح بهم:
ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان! ان لم يكن لكم دين و كنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحرارا في دنياكم هذه، و ارجعوا الي أحسابكم ان كنتم عربا [25] .
فناداه شمر لعنه الله فقال: ما تقول يابن فاطمة؟
قال: أقول: أنا الذي اقاتلكم، و تقاتلوني، و النساء ليس عليهن جناح، فامنعوا عنانكم [26] عن التعرض لحرمي ما دمت حيا.
فقال شمر: لك هذا.
ثم صاح شمر لعنه الله: اليكم عن حريم الرجل، فاقصدوه بنفسه، فلعمري هو كفو كريم.
قال: فقصده القوم و هو في ذلك يطلب شربة من الماء، و كلما حمل بفرسه علي الفرات حملوا عليه بأجمعهم حتي خلوه [27] عنه [28] .
و في «المعدن»: عن كتاب «أنساب النواصب» عن كتاب «فتوحات القدس» ما مضمونة:
ان الحسين عليه السلام لما اشتد به العطش جاءه رجل سياح و معه آنية من الخشب مملوة من الماء، فناولها اياه.
فأخذها الحسين عليه السلام من يده وصبه علي الأرض و قال: أيها السياح! أتزعم أنا لا نقدر علي الماء، أنظر!
فلما نظر رآي أنهارا جارية، فملأ الحسين عليه السلام آنيته من الحصا [و ناوله اياها]، فاذا الحصا قد انقلب بالجواهر الفريدة [29] .
و قال في «البحار»: قال ابن شهر اشوب: روي أبومخنف عن الجلودي:
أن الحسين عليه السلام حمل علي الأعور السلمي و عمرو بن الحجاج الزبيدي، و كانا في أربعة آلاف رجل علي الشريعة، و أقحم الفرس في الفرات، فلما أولغ الفرس برأسه ليشرب قال عليه السلام:
أنت عطشان و أنا عطشان والله؛ لا ذقت الماء حتي تشرب.
فلما سمع الفرس كلام الحسين عليه السلام شال رأسه و لم يشرب، كأنه فهم الكلام.
فقال الحسين عليه السلام: اشرب فأنا أشرب، فمد الحسين عليه السلام يده فغرف من الماء غرفة.
فقال فارس من القوم: يا أباعبدالله! تتلذذ بشرب الماء و قد هتك حرمك.
فنفض الماء من يده و حمل علي القوم، فكشفهم فاذا الخيمة سالمة [30] .
و في نقل آخر: ان الحسين عليه السلام لما هم ليشرب رماه الحصين بن نمير لعنه الله بسهم في فخذه [31] فنزع السهم و تلقي الدم بيده و رمي به نحو السماء و قال:
يا رب! اليك المشتكي من قوم أراقوا دمي، و منعوني من شرب الماء.
ثم انه هم ليشرب ثانيا فنادي عمر بن سعد لعنه الله: و حق بيعة يزيد بن معاوية [لئن شرب الحسين من الماء ليفنيكم عن آخركم.
فنادي خولي بن يزيد الاصبحي:] يا حسين! ألحق خيم الحرم فقد احترقت بالنار و أنت حر. [32] .
پاورقي
[1] قدم - کعنب -: ضد الحدوث، «منه رحمه الله».
[2] في البحار: الثقلين.
[3] في البحار: ساروا.
[4] کف البيت يکف و کفاء... قطر،«منه رحمه الله».
[5] خيرة - بکسر الخاء، و الياء و الراء المفتوحتين -: المختار، المنتخب، «منه رحمه الله».
[6] في البحار: و ابن.
[7] في البحار: مضي.
[8] ما بين المعقوفتين لم ترد في البحار.
[9] البحار: 49 - 47 / 45.
[10] أمالي الصدوق: 737 ح 1005، و فيه: فلم يؤذن.
[11] المنتخب: 450.
[12] الدمعة الساکبة: 4 / 340 و 341.
[13] نشف - کنصر -: ذهب و هلک، «منه رحمه الله».
[14] لم ترد في المنتخب.
[15] المنتخب: 439.
[16] البحار: 49 / 45.
[17] اللهوف: 170.
[18] البحار: 49 / 45، مع اختلاف يسير.
[19] في المصدر و البحار: مکثورا، و المکثور: المغلوب: و هو الذي تکاثر عليه الناس فقهروه.
[20] اللهوف: 170 و 171، البحار: 50 / 45.
[21] نقل عنه في الدمعة الساکبة: 342 / 4.
[22] البحار: 50 / 45.
[23] المنتخب: 450، مع اختلاف يسير.
[24] البحار: 51، 50 / 45.
[25] في البحار: اذ کنتم أعرابا.
[26] في البحار: عتانکم.
[27] في البحار: أحلوه.
[28] البحار: 51 / 45.
[29] الدمعة الساکبة: 344 / 4.
[30] البحار: 51 / 45، مع اختلاف يسير.
[31] فخذ - ککتف -: ما بين الساقين، «منه رحمه الله».
[32] في الدمعة الساکبة: و أنت حي.