شهادة علي بن الحسين
و فيه أيضا: ضربه منقذ بن مرة العبدي علي مفرق رأسه ضربة صرعته و ضربه الناس بأسيافهم، ثم اعتنق فرسه فاحتمله الفرس الي عسكر الأعداء فقطعوه اربا اربا.
فلما بلغت الروح التراقي قال رافعا صوته:
يا أبتاه! هذا جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قد سقاني بكأسه الأوفي شربة لا أظمأ بعدها أبدا! و هو يقول: العجل العجل فان لك كأسا مذخورة حتي تشربها الساعة [1] .
قال السيد رحمه الله: ثم شهق فمات، فجاء الحسين عليه السلام حتي وقف عليه و وضع
خدع علي خده و قال:
قتل الله قوما قتلوك يا بني! ما أجراهم علي الرحمان و علي انتهاك حرمة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.
و انهملت عيناه بالدموع، ثم قال عليه السلام: علي الدنيا بعدك العفاء [2] .
و قال أبومخنف: ثم انه صلوات الله عليه وضع رأسه في حجره، و جعل يمسح الدم عن ثناياه و جعل يلثمه و يقول:
يا ولدي! أما أنت فقد استرحت من هم الدنيا و غمها و شدائدها، و صرت الي روح و ريحان، و قد بقي أبوك و ما أسرع اللحوق بك.
ثم قال: قال عمارة بن واقد: كأني أنظر الي امرأة خرجت من فسطاط الحسين عليه السلام كأنها البدر الطالع و هي تنادي:
وا ولداه! وا قتيلاه! وا قلة ناصراه! وا غريباه! وا مهجة قلباه! ليتني كنت قبل هذا اليوم عمياء، ليتني و سدت الثري [3] .
و في «البحار»: قال حميد بن مسلم: فكأني أنظر الي امرأة خرجت مسرعة كأنها الشمس الطالعة تنادي بالويل و الثبور و تقول:
يا حبيباه! يا ثمرة فؤاداه! يا نور عيناه!
فسألت عنها، فقيل: هي زينب بنت علي عليهماالسلام، و جاءت و انكبت عليه، فجاء الحسين عليه السلام فأخذ بيدها فردها الي الفسطاط، و أقبل بفتيانه و قال: أحملوا أخاكم.
فحملوه من مصرعه، و جاؤا به حتي وضعوه عند الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه [4] .
و في بعض الكتب المعتبرة عن المفيد رحمه الله باسناده الي جابر بن عبدالله قال: لما قتل علي بن الحسين عليه السلام دخل الحسين عليه السلام الي الفساط باكيا حزينا آيسا من نفسه، فقالت سكينة: مالي أراك تنعي نفسك و تدير طرفك؟ أين أخي علي؟
فقال لها: قتلوه اللئام.
فلما سمعت بذلك صاحت: وا أخاه! وا مهجة قلباه!
فأرادت أن تخرج من الفسطاط، فجاء الحسين عليه السلام و منعها و قال لها: يا سكينة! اتقي الله و استعملي الصبر.
فقالت: يا أبتاه! كيف يصبر من قتل أخوها و شرد أبوها؟
فقال الامام عليه السلام: انا لله و انا اليه راجعون [5] .
و في «البحار» قال: و خرج غلام من تلك الأبنية، و في أذنيه درتان و هو مذعور فجعل يلتفت يمينا و شمالا، و قرطاه يتذبذبان، فحمل عليه هاني بن بعيث لعنه الله فقتله، فصارت أمه شهربانو تنظر اليه و لا تتكلم كالمدهوشة [6] .
پاورقي
[1] البحار: 44 / 45.
[2] البحار: 44 / 45، (نحوه).
[3] الدمعة الساکبة: 4 / 331 و 332.
[4] البحار: 44 / 45.
[5] الدمعة الساکبة: 332 / 4.
[6] البحار: 45 / 45 و 46، مع اختلاف يسير.