خروج علي بن الحسين
و في «المنتخب»: روي أنه لما قتل العباس بن علي عليهماالسلام تدافعت الرجال علي أصحاب الحسين عليه السلام، فلما نظر ذلك نادي:
يا قوم! أما من مغيث يغيثنا؟
أما من طالب حق فينصرنا؟
أما من خائف [من النار] فيذب عنا؟
أما من أحد فيأتينا بشربة من الماء لهذا الطفل فانه لا يطيق الظمأ؟
فقام اليه ولده الأكبر، و كان له من العمر سبعة عشر سنة، فقال له: أنا آتيك بالماء يا سيدي!
[فقال: امض بارك الله فيك]
قال: فأخذ الركوة بيده، ثم اقتحم الشريعة و ملأ الركوة، و أقبل بها نحو أبيه و قال: يا أبتاه! الماء لمن طلب، فاسق أخي و ان بقي شي ء فصبه علي فاني و الله؛ عطشان.
فبكي الحسين عليه السلام و أخذ ولده الطفل و أجلسه علي فخذه، و أخذ الركوة و قربها الي فيه، فلما هم الطفل أن يشرب أتاه سهم مسموم، فوقع في حلق الطفل فذبحه قبل أن يشرب من الماء شيئا.
فبكي الحسين عليه السلام، ورمي الركوة من يده، و نظر بطرفه الي السماء [1] ... الي آخر ما يجي ء.
و فيه غرابة.
و في «البحار» قال: قال أبوالفرج: علي بن الحسين عليهماالسلام هذا هو الأكبر و لا عقب له، و يكني أباالحسن، و امه ليلي بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي، و هو أول من قتل في الوقعة. [2] .
قال صاحب «الأصل»: و في بعض مؤلفات أصحابنا روي: أنه لما قتل
العباس و حبيب بن مظاهر رضي الله عنهما بان الانسكار في وجه الحسين عليه السلام، فجلس مهموما مغموما و دموعه تجري علي خديه.
فأتي اليه ولده علي الأصغر - المعروف بالأكبر - و قال: يا أبتاه! قتل عمي العباس عليه السلام فلا خير لي في الحياة بعده، فقد ضاق صدري لفراقه، فهل من رخصة؟
فبكي الحسين عليه السلام و قال: يا بني! يعز علي والله؛ فراقك.
فقال: كيف يا أبتاه! و أنت وحيد بين الأعداء فريد لا ناصر لك و لا معين، روحي لروحك الفداء، و نفسي لنفسك الوقاء [3] .
و في كتاب «مهيج الأحزان»: ان علي بن الحسين عليه السلام لما توجه الي الحرب اجتمعت النساء حوله كالحلقة، و قلن: ارحم غربتنا، و لا تستعجل الي القتال، فانه ليس لنا طاقة في فراقك.
قال: فلم يزل يجهد و يبالغ في طلب الاذن من أبيه حتي أذن له، ثم تودع من أبيه و الحرم، ثم توجه نحو الميدان [4] .
و في «البحار» قال: قال محمد بن أبي طالب: و هو يومئذ ابن ثمانية عشر سنة.
و قال: قال ابن شهر آشوب: و يقال ابن خمس و عشرين سنة.
قال السيد رحمه الله: ثم نظر اليه الحسين عليه السلام نظر آيس منه و أرخي عينيه بالدموع و بكي [5] .
و في «البحار» قالوا: و رفع شيبته [6] نحو السماء، و قال:
اللهم اشهد علي هؤلاء القوم، فقد برز اليهم غلام أشبه الناس خلقا و خلقا و منطقا برسولك، و كنا اذا اشتقنا الي نبيك نظرنا الي وجهه.
اللهم امنعهم بركات الأرض، و فرقهم تفريقا، و مزقهم تمزيقا، و اجعلهم طرائق قددا، و لا ترض الولاة عنهم أبدا، فانهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلوننا.
ثم صاح الحسين عليه السلام بعمر بن سعد لعنه الله: مالك قطع الله رحمك! و لا بارك الله لك في أمرك! و سلط عليك من يذبحك بعدي علي فراشك! كما قطعت رحمي و لم تحفظ قرابتي من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.
ثم رفع الحسين عليه السلام صوته و تلي: (ان الله اصطفي آدم و نوحا و آل ابراهيم و آل عمران علي العالمين - ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) [7] .
پاورقي
[1] المنتخب: 431 و 432.
[2] مقاتل الطالبيين: 96، عنه البحار: 45 / 45.
[3] الدمعة الساکبة: 4 / 328 و 329.
[4] الدمعة الساکبة: 329 / 4.
[5] البحار: 42 / 45.
[6] في الدمعة الساکبة و البحار: سبابته.
[7] آل عمران: 34، 33.