مبارزة العباس بن علي
فذهب العباس عليه السلام الي القوم، فوعظهم و حذرهم، فلم ينفعهم، فرجع الي أخيه فأخبره، فسمع الأطفال ينادون: العطش! العطش! فركب فرسه و أخذ رمحه و القربة و قصد نحو الفرات.
قال: فأحاط به أربعة آلاف ممن كانوا موكلين بالفرات، و رموه بالنبال و قتل منهم -علي ما روي - ثمانين رجلا حتي دخل الماء.
فلما أراد أن يشرب غرفة من الماء ذكر عطش الحسين عليه السلام و أهل بيته، فرمي الماء من يده، و ملأ القربة وحملها علي كتفه الأيمن، و توجه نحو الخيمة، فقطعوا عليه الطريق، فحملوا عليه و أحاطوا به من كل جانب، و حمل عليهم
و حاربهم و هو يقول:
لا أرهب الموت اذ الموت رقا
حتي اواري في المصاليت لقي
نفسي لنفس المصطفي الطهر وقا
اني أنا العباس أغدوا بالسقا
و لا أخاف الشر يوم الملتقي
ففرقهم، فكمن له زيد بن ورقاء من [وراء] نخلة، و عاونه حكيم بن الطفيل السنبسي، فضربه علي يمينه، فأخذ بشماله، و حمل و هو يرتجز و يقول:
والله ان قطعتم يميني
اني أحامي أبدا عن ديني
و عن امام صادق اليقين
نجل النبي الطاهر الأمين
فقاتل حتي ضعف، فكمن له الحكم بن الطفيل الطائي من وراء نخلة، فضربه علي شماله فقال:
يا نفس! لا تخشي من الكفار
و أبشري برحمة الجبار
مع النبي السيد المختار
قد قطعوا ببغيهم يساري
فأصلهم يا رب حر النار [1] .
پاورقي
[1] البحار: 40 / 45.