مبارزة برير الهمداني
ثم برز برير بن خضير الهمداني رضي الله عنه بعد الحر، و كان من عباد الله الصالحين، فبرز و هو يقول:
أنا برير و أبي خضير
ليث يروع الاسد عند الزئر
يعرف فينا الخير أهل الخير
أضربكم و لا أري من ضير
كذاك فعل الخير من برير
و جعل يحمل علي القوم، و هو يقول: اقتربوا مني يا قتلة المؤمنين! اقتربوا مني يا قتلة أولاد البدريين! اقتربوا يا قتلة أولاد رسول رب العالمين و ذريته الباقين!
و كان برير أقرء أهل زمانه، فلم يزل يقاتل حتي قتل ثلاثين رجلا، فبرز اليه رجل يقال له: يزيد بن معقل، فقال لبرير: أشهد أنك من المضلين.
فقال له برير: هلم فلندع الله أن يلعن الكاذب منا، و أن يقتل المحق منا المبطل.
فتصاولا فضرب يزيد لبرير ضربة خفيفة لم تعمل شيئا، و ضربه برير ضربة قدت المغفر، و وصلت الي دماغه، فسقط قتيلا.
قال: فحمل رجل من أصحاب ابن زياد لعنه الله فقتل برير، رحمة الله عليه، و كان يقاتل لقاتله: بحر بن أوس [الضبي] ، فجال في ميدان الحرب و جعل يقول:
سلي تخبري عني و أنت ذميمة
غداة حسين و الرماح شوارع
ألم آت أقصي ما كرهت و لم يحل
غداة الوغي و الروع ما أنا صانع
معي مزني لم تحنه كعوبه
و أبيض مشحوذ الغرارين قاطع
فجردته في عصبة ليس دينهم
كديني و اني بعد ذاك لقانع
و قد صبروا للطعن و الضرب حسرا [1] .
و قد جالدوا لو أن ذلك نافع
فأبلغ عبيدالله اذ ما لقيته
بأني مطيع للخليفة سامع
قتلت بريرا ثم جلت بهمة
غداة الوغي لما دعي من يقارع
قال: ثم ذكر له بعد ذلك أن بريرا كان من عباد الله الصالحين، و جاءه ابن عم له و قال: ويحك يا بحير، قتلت برير بن خضير، فبأي وجه تلقي ربك غدا؟
قال: فندم الشقي، و أنشأ يقول:
فلو شاء ربي ما شهدت قتالهم
و لا جعل النعماء عند ابن جائر
لقد كان ذا عارا علي و سبه
يعير بها الأبناء عند المعاشر
فيا ليت أني كنت في الرحم حيضة
و يوم حسين كنت ضمن المقابر
فيا سوأتا ماذا أقول لخالقي؟
و ما حجتي يوم الحساب القماطر [2] ؟
پاورقي
[1] حسر جمع حاسر: الذي لا مغفر عليه و لا درع.
[2] البحار: 16، 15 / 45.