وصوله الي الثعلبية و ما شاهد في المنام
قال: ثم سار صلوات الله عليه [حتي أتي] الثعلبية وقت الظهيرة، فوضع رأسه، فرقد ثم استيقظ، فقال:
قد رأيت هاتفا يقول: أنتم تسرعون، والمنايا تسرع بكم الي الجنة.
فقال له ابنه علي: يا أبه! أولسنا علي الحق.
فقال: بلي يا بني، و الذي اليه مرجع العباد.
فقال: يا أبه! اذا لا ابالي [1] بالموت.
فقال [له] الحسين عليه السلام: جزاك الله يا بني! خير ما جزي ولدا عن والد.
ثم بات عليه السلام في تلك الموضع، فلما أصبح، اذا [هو] برجل من الكوفة يكني أباهرة الأزدي قد أتاه فسلم عليه، ثم قال: يابن رسول الله! ما الذي أخرجك عن حرم الله و حرم جدك محمد صلي الله عليه و آله و سلم؟
فقال الحسين عليه السلام: و يحك يا أباهرة! ان بني امية أخذوا مالي فصبرت، و شتموا عرضي فصبرت، وطلبوا دمي فهربت، و أيم الله لتقتلني الفئة الباغية،
و ليلبسنهم الله ذلا شاملا، و سيفا قاطعا، و ليسلطن الله عليهم من يذلهم، حتي يكونوا أذل من قوم سبأ، اذ ملكتهم امرأة منهم، فحكمت في أموالهم و دمائهم [حتي أذلتهم] [2] .
و في «امالي الصدوق»: روي باسناده عن علي بن الحسين عليهماالسلام انه قال: و سمع عبدالله بن عمر بخروجه فقدم راحلته و خدج خلفه مسرعا فادركه في بعض المنازل فقال: أين تريد يابن رسول الله؟
قال: العراق.
قال: مهلا [3] ، ارجع الي حرم جدك.
فابي الحسين عليه السلام، فلما راي بن عمر اباه، قال: يا اباعبدالله! كشف لي عن الموضع الذي كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقبله منك.
فكشف الحسين عليه السلام عن سرته، فقبلها ابن عمر ثلاثا، و بكي و قال: استودعك الله يا اباعبدالله! فانك مقتول في وجهك هذا.
فسار الحسين عليه السلام و اصحابه، فلما نزلوا ثعلبية ورد عليه دجل يقال له بشر بن غالب، فقال: يابن رسول الله! أخبرني عن قول الله تعالي عزوجل: (يوم ندعوا كل اناس بامامهم) [4] .
قال عليه السلام: امام دعي الي هدي، فأجابوه اليه، و امام دعي الي ضلالة فأجابوه اليها، فهؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار، و هو قول الله عزوجل: (فريق
في الجنة و فريق في السعير) [5] .
ثم سار حتي نزل العذيب، فقال فيه قائله الظهيرة، ثم انتبه من نومه باكيا فقال له ابنه: ما يبكيك يا أبه؟
فقال: يا بني! انها ساعة لا نكذب الرؤيا فيها، و انه عرض في منامي عارض فقال: تسرعون السير [6] و المنايا تسير بكم الي الجنة.
ثم سار حتي نزل الرهيمة [7] .
و في «البحار»: عن الرياشي باسناده، عن راوي حديثه قال: حججت فتركت أصحابي و انطلقت [أتعسف الطريق وحدي، فبينما أنا أسير اذ رفعت طرفي الي أخيمة و فساطيط، فانطلقت] نحوها حتي أتيت أدناها، فقلت لمن هذه الأبنية؟
قالوا: للحسين عليه السلام.
قلت: ابن علي عليه السلام و ابن فاطمة عليهاالسلام؟
قالوا: نعم.
قلت: في أيها هو؟
قال: في ذلك الفسطاط، فانطلقت نحوه، فاذا الحسين عليه السلام متك علي باب الفسطاط يقرأ كتابا بين يديه، فسلمت، فرد علي.
فقلت: يابن رسول الله! بأبي أنت و امي؛ ما أنزلك في هذه الأرض القفرآء التي ليس فيها ريف و لا منعة؟
قال عليه السلام: ان هؤلاء أخافوني، و هذه كتب أهل الكوفة، و هم قاتلي، فاذا فعلوا ذلك و لم يدعوا الله محرما الا انتهكوه، بعث الله اليهم من يقتلهم حتي يكونوا أذل من قوم الأمة [8] .
پاورقي
[1] في اللهوف و البحار: لا نبالي.
[2] اللهوف: 131 و 132، عنه البحار: 368، 367 / 44.
[3] المهل - و يحرک - و المهلة - بالضم -: السکينة و الرفق، «منه رحمه الله».
[4] الاسراء: 71.
[5] الشوري: 7.
[6] يقال: أسرع في السير أي: سرع، «منه رحمه الله».
[7] أمالي الصدوق: 318، 317 ضمن ح 239 المجلس 30.
[8] البحار: 368 / 44.