بازگشت

شجاعة مسلم


فبعث معه عبيدالله بن عباس السلمي في سبعين رجلا من قيس، حتي أتوا الدار التي فيها مسلم بن عقيل رحمه الله، فلما سمع وقع حوافر الخيل و أصوات الرجال علم أنه قد اتي، فخرج اليهم بسيفه، و اقتحموا عليه الدار، فشد عليهم يضربهم بسيفه حتي أخرجهم من الدار.

ثم عادوا اليه فشد عليهم كذلك، فاختلف هو و بكر بن حمران الأحمري بضربتين، فضرب بكر فم مسلم عليه السلام فقطع شفته العليا، و أسرع السيف في السفلي، و فصلت له ثنيتاه، و ضرب مسلم عليه السلام رأسه ضربة منكرة و ثناه بأخري


علي حبل العاتق، و كادت تطلع الي جوفه.

فلما رأوا ذلك أشرفوا عليه من فوق البيت، و أخذوا يرمونه بالحجارة و يلهبون النار في أظنان القصب ثم يرمونها عليه من فوق البيت، فلما رأي ذلك خرج عليهم مصلتا بسيفه بالسكة [1] .

في «البحار» قال الملجسي رحمه الله: روي في بعض كتب المناقب، عن علي بن أحمد [العاصمي، عن اسماعيل بن أحمد البيهقي، عن والده، عن أبي الحسين بن بشران، عن أبي عمرو بن السماك، عن حنبل] بن اسحاق، عن الحميدي، عن سفيان بن عينية، عن عمرو بن دينار قال:

أرسل الحسين عليه السلام لمسلم بن عقيل عليه السلام الي الكوفة، و كان مثل الأسد.

قال عمرو و غيره: لقد كان من قوته أنه يأخذ الرجل بيده، فيرمي به فوق البيت [2] .

و في «البحار» عن ابن شهر آشوب: فحمل مسلم عليه السلام عليهم و هو يقول:



هو الموت فاصنع ويك ما أنت صانع

فأنت بكأس الموت لا شك جارع



فصبر الأمر الله جل جلاله

فحكم قضاء الله في الخلق ذائع



فقتل منهم أحدا و أربعين رجلا [3] .

و في «المنتخب»: فقتل منهم خلقا كثيرا: فلما نظر ابن الأشعث الي ذلك أنفذ الي ابن زياد لعنه الله يستمده بالخيل و الرجال.

فأنفذ اليه ابن زياد لعنه الله يقول: ثكلتك امك! رجل واحد يقتل منكم هذه


المقتلة العظيمة؟ فيكف لو أرسلتك الي من هو أشد منه قوة و بأسا؟ يعني الحسين عليه السلام.

فبعث بالجواب: عساك أرسلتني الي بقال من بقا قيل الكوفة؟ أو الي جرمقاني من جرامقة الحيرة؟ و انما أرسلتني الي سيف من أسياف محمد بن عبدالله صلي الله عليه و آله و سلم [4] .

و في «البحار»: عن ابن شهر آشوب: أو لم تعلم أيها الأمير! أنك بعثتني الي أسد ضرغام، و سيف حسام [5] في كف بطل همام [6] ، من آل خير الأنام [7] .

رجعنا الي رواية «المنتخب»: فلما بلغ ذلك ابن زياد لعنه الله امده بالعسكر الكثير، فلما رآي مسلم عليه السلام ذلك رجع الي الدار، و تهيأ و حمل عليهم حتي قتل كثيرا منهم، و صار جلده كالقنفذ من كثرة النبل.

فبعث ابن الأشعث الي ابن زياد يستمده بالخيل و الرجال، فأرسل اليه بذلك، و قال لهم: ويلكم؟ أعطوه الأمان، و الا أفناكم عن آخركم [8] .

قال المفيد رحمه الله: فقال محمد بن الأشعث: لك الأمان، لا تقتل نفسك، و هو يقاتلهم و يقول:



أقسمت لا اقتل الا حرا

و ان رأيت الموت شيئا نكرا



و يخلط البارد سخنا مرا

رد شعاع الشمس فاستقرا






كل امري يوما ملاق شرا

أخاف أن اكذب أو اغرا



فقال محمد بن الأشعث: انك لا تكذب و لا تغر، و لا تخدع، ان القوم بنو عمك، ليسوا بقاتليك، و لا ضائريك، و كان قد اثخن بالجراحة [9] و عجز عن القتال فانبهر [10] و أسند ظهره الي جنب تلك الدار.

فأعاد ابن الأشعث عليه القول: لك الأمان.

فقال: آمن أنا؟

قال: نعم.

فقال للقوم الذي معه: ألي الأمان؟

قال القوم له: نعم، الا عبيدالله بن عباس السلمي، فانه قال: لا ناقة لي في هذا و لا جمل، ثم تنحي.

فقال مسلم عليه السلام: أما لو لم تؤمنوني ما وضعت يدي في أيديكم [11] .

و في «المنتخب» قال لهم: لا أمان لكم يا أعداء الله و أعداء رسوله!

ثم انهم احتالوا عليه و حفروا له حفيرة عميقة و أخفوا رأسها بالدخل و التراب، ثم انطردوا بين يديه، فوقع فيها، و أحاطوا به، فضربه ابن الأشعث علي محاسن وجهه، فأوثقوه أسيرا [12] .



پاورقي

[1] الارشاد: 58 - 56 / 2، البحار: 352 - 347 / 44، مع اختلاف يسير في الألفاظ.

[2] البحار: 354 / 44.

[3] البحار: 354 / 44.

[4] المنتخب: 416.

[5] حسام - کغراب -: السيف القاطع: «منه رحمه الله».

[6] همام - کغراب -: الملک العظيم الهمة و السيد الشجاع، «منه رحمه الله».

[7] المناقب: 93 / 4، عنه البحار: 354 / 44.

[8] المنتخب: 416.

[9] في الارشاد و البحار: الحجارة.

[10] انبهر أي: انقطع نفسه من شدة السعي و القتال، و في البحار: فانتهز.

[11] الارشاد: 2 / 85 و 59، البحار: 352 / 44.

[12] المنتخب: 416.