بازگشت

خروج مسلم لحرب عبيدالله بن زياد


وفي «اللهوف»: قال السيد قدس سره: لما بلغ مسلما خبر هاني ء و ما جري عليه خرج بمن بايعه الي عبيدالله بن زياد لعنه الله فتحصن منه بقصر دار الامارة، و اقتتل أصحابه و أصحاب مسلم رضي الله عنه [1] .

و في رواية المفيد رحمه الله: ليس مع ابن زياد في القصر الا ثلاثون رجلا من الشرط و عشرون رجلا من أشراف الناس و أهل بيته و خاصته [... و تكلم كثير] حتي كادت المشس أن تجب [2] .

ثم قال السيد رحمه الله: و جعل أصحاب عبيدالله بن زياد لعنه الله الذين معه في القصر يتشرفون منه و يحذرون أصحاب مسلم عليه السلام و يتوعدونهم بأخبار [3] الشام، فلم يزالوا كذلك حتي جاء الليل.

فجعل أصحاب مسلم عليه السلام يتفرقون عنه، و يقول بعضهم لبعض: ما نصنع بتعجيل الفتنة، و ينبغي أن نقعد في منازلنا و ندع هؤلاء القوم حتي يصلح الله ذات بينهم [4] .


و في رواية المفيد: كانت المرأة تأتي ابنها أو أخاها فتقول: انصرف؛ الناس يكفونك، و يجي ء الرجل الي ابنه و أخيه فيقول: غدا يأتيك أهل الشام، فما تصنع بالحرب والشر؟ انصرف، فيذهب به فينصرف [5] .

ثم قال السيد رحمه الله: فلم يبق معه سوي عشرة أنفس، فدخل مسلم عليه السلام المسلم ليصلي المغرب، فتفرق العشرة عنه، فلما رأي ذلك خرج وحيدا في دروب [6] الكوفة حتي وقف علي باب امرأة يقال لها: طوعة، فطلب منها ماءا، فسقته [7] .

و في رواية المفيد: و أدخلت الاناء، ثم خرجت فقالت: يا عبدالله! ألم تشرب؟

قال: بلي.

قالت: فاذهب الي أهلك.

فسكت، ثم أعادت مثل ذلك، فسكت، ثم قالت في الثالثة: سبحان الله! يا عبدالله! قم عافاك الله الي أهلك، فانه لا يصلح لك الوقوف علي بابي، و لا احله لك.

فقام و قال: يا أمة الله! مالي في هذا المصر أهل و لا عشيرة، فهل لك في أجر و معروف [8] ، و لعلي مكافئك بعد هذا اليوم؟

قالت: يا عبدالله! و ما ذاك؟


قال: أنا مسلم بن عقيل، كذبني هؤلاء القوم، و غروني و أخرجوني.

قالت: أنت مسلم؟!

قال: نعم.

قالت: ادخل.

فدخل الي بيت دارها غير البيت التي تكون فيه، و فرشت له و عرضت عليه العشاء، و لم يتعش، و لم يكن بأسرع من أن جاءها ابنها فرآها تكثر الدخول في البيت و الخروج منه [9] .

و في «المنتخب»: أنكر الولد شأن امه، و سألها عن ذلك، [فنهرته] فألح عليها في المسألة، فأخذت عليه العهد، فأخبرته فأمسك عنها و أسر ذلك في نفسه الي أن طلع الفجر، و اذا بالمرأة جائت الي مسلم عليه السلام بماء ليتوضأ، و قالت له: يا مولاي! ما رأيتك رقدت في هذه الليلة؟

فقال لها: اعلمي أني رقدت رقدة، فرأيت في منامي عمي اميرالمؤمنين عليه السلام و هو يقول: ألوحا ألوحا، العجل العجل، و ما أظن الا أنه آخر أيامي من الدنيا [10] .

ثم قال المفيد رحمه الله: و لما تفرق الناس عن مسلم بن عقيل عليه السلام طال علي ابن زياد لعنه الله و جعل لا يسمع لاصحاب ابن عقيل صوتا كما كان يسمع قبل ذلك، فقال لأصحابه: أشرفوا فانظروا هل ترون منهم أحدا؟

فأشرفوا فلم يروا أحدا.


قال: فانظروا لعلهم تحت الظلال قد كمنوا لكم، فنزعوا تخاتج المسجد، و جعلوا يخفضون بشعل النيران في أيديهم و ينظرون، فكانت أحيانا تضي ء لهم و أحيانا لا تضي ء كما يردون، فدخلوا القناديل و أطنان القصب تشد بالحبال، ثم تجعل فيها النيران، ثم تدلي حتي تنتهي الي الأرض.

ففعلوا ذلك في أقضي الظلال و أدناها و أوسطها حتي فعل ذلك بالظلة التي فيها المنبر، فلما لم يروا شيئا أعلموا ابن زياد لعنه الله بتفرق القوم.

ففتح باب السدة التي في المسجد، ثم خرج فصعد المنبر، و خرج أصحابه معه، فأمرهم فجلسوا قبيل العتمة و أمر عمرو بن نافع، فنادي: ألا برئت الذمة من رجل من الشرط أو العرفاء و المناكب أو المقاتلة صلي العتمة الا في المسجد.

فلم يكن الا ساعة حتي أمتلأ المسجد من الناس.

ثم أمر مناديه فأقام الصلاة و أقام الحرس خلفه، و أمرهم بحراسته من أن يدخل عليه أحد يغتاله، و صلي بالناس.

ثم صعد المنبر فحمدالله و أثني عليه، ثم قال:

أما بعد؛ فان ابن عقيل السفيه الجاهل قد أتي ما قد رأيتم من الخلاف و الشقاق فبرئت ذمة الله من رجل وجدناه في داره، و من جاء به فله دينه، اتقوا الله عباد الله و ألزموا طاعتكم و بيعتكم، و لا تجعلوا علي أنفسكم سبيلا.

يا حصين بن نمير! ثكلتك امك؛ ان ضاع باب سكة من سكك الكوفة، و خرج هذا الرجل و لم تأتني به، و قد سلطتك علي دور أهل الكوفة، فأبعث مراصد علي أهل السكك [11] و دورهم، و أصبح غدا فاستبرء الدور و جس خلالها


تأتيني بهذا الرجل.

و كان الحصين بن نمير علي شرطه، و هو من بني تميم. ثم دخل ابن زياد القصر و قد عقد لعمرو بن حريث رأية، و أمره علي الناس.

فلما أصبح جلس مجلسه و أذن للناس فدخلوا عليه، و أقبل محمد بن الأشعث فقال: مرحبا بمن لا يستغش و لا يتهم، ثم أقعده الي جنبه.

و أصبح ابن تلك العجوز فغدا الي عبدالرحمان بن محمد بن الأشعث فأخبره بمكان مسلم بن عقيل عليه السلام عند امه، فأقبل عبدالرحمان حتي أتي أباه و هو عند ابن زياد لعنه الله فساره، فعرف ابن زياد سراره، فقال له ابن زياد لعنه الله بالقضيب في جنبه: قم فأتني به الساعة.

فقام و بعث معه قومه، لأنه قد علم أن كل قوم يكرهون أن يصاب فيهم مثل مسلم بن عقيل عليه السلام.


پاورقي

[1] اللهوف: 119.

[2] الارشاد: 2 / 52 و 53.

[3] في المصدر: بجنود.

[4] اللهوف: 119.

[5] الارشاد: 54 / 2، عنه البحار: 350 / 44.

[6] في المصدر: في سکک.

[7] اللهوف: 119.

[8] المعروف: العرف، «منه رحمه الله».

[9] الارشاد: 2 / 54 و 55، عنه البحار: 350 / 44.

[10] المنتخب: 415.

[11] في البحار: علي أهل الکوفة.