بازگشت

المقدمة


بسم الله الرحمن الرحيم انها مصيبة عظيمة و مؤلمة تتناهي الي الأسماع آهات شجية مقرحة للقلوب، لبطل استفردته الذئاب الضارية في صحراء نينوي... لا زالت أصوات البكاء و النحيب لأهل بيته و حريمه تشق حواجز الزمان و المكان لتستقر في سمع كل ذي رحمة و رأفة، و تنمي فيه الفطرة السليمة و الأحاسيس المرهفة.

حقا أن المحبة و الود، الدموع و البكاء أكبر من الزمان و المكان، اذ ليس لهما سبيل الي وادي العشق هذا.

شخصية يقف اليراع، و تقف البشرية عاجزين عن التعريف به فضلا عن درك مقامه الشامخ و وصفه.

ان هكذا رجل ليس بمقدور أحد سوي الله خالقه و أنبيائه المرسلين و خاتمهم صلي الله عليه و آله و سلم و أوصيائه عليهم السلام، أن يعرفه حق معرفته.

تري من هو؟

و أي نور رباني هو؟

و أي نجم ساطع في دنيا الظلام هذا؟

و أية سفينة نجاة هو؟


انه الحسين بن علي عليهماالسلام الذي يقول الله تعالي فيه مخاطبا نبيه صلي الله عليه و آله و سلم:

يا محمد!... و جعلت حسينا خازن وحيي، و أكرمته بالشهادة، و أعطيته مواريث الأنبياء، فهو سيد الشهداء... [1] .

و الذي يقول فيه جده المصطفي محمد صلي الله عليه و آله و سلم واصفا اياه:

حسين مني و أنا من حسين... اسمه مكتوب عن يمين العرش: ان الحسين مصباح الهدي، و سفينة النجاة،... [2] .

و هو الذي يقول فيه أبوه اميرالمؤمنين علي عليه السلام:

بأبي و أمي الحسين المقتول بظهر الكوفة [3] .

و الذي يقول فيه أخوه الحسن السبط عليه السلام مبينا عظم مصيبته:

لا يوم كيومك يا أباعبدالله! [4] .

نعم، انه المظلوم الذي يقول في حق نفسه:

أنا قتيل العبرة، لا يذكرني مؤمن الا بكي [5] .

و يقول فيه ولده الامام السجاد عليه السلام:

أنا ابن من قتل صبرا، و كفي بذلك فخرا. [6] .


و يقول فيه الامام الصادق عليه السلام:

الحسين عليه السلام عبرة كل مؤمن [7] .

و يقول فيه الامام الرضا عليه السلام واصفا يوم مصيبته:

ان يوم الحسين عليه السلام أقرح جفوننا، و أسبل دموعنا، و أذل عزيزنا بأرض كرب و بلاء، أورثتنا الكرب و البلاء الي يوم الانقضاء، فعلي مثل الحسين عليه السلام فليبك الباكون... [8] .

و يقول فيه الآخذ بثأره و المنتقم ممن ظلمه، ولده الامام المنتظر - عجل الله تعالي فرجه - مخاطبا له عليه السلام:

فلئن أخرتني الدهور، و عاقني عن نصرك المقدور، و لم أكن لمن حاربك محاربا، و لمن نصب لك العداوة مناصبا، فلأندبنك صباحا و مساء، و لأبكين لك بدل الدموع دما، حسرة عليك، و تأسفا علي ما دهاك و تلهفا، حتي أموت بلوعة المصاب، و غصة الاكتياب. [9] .

انه الشخصية التي بقيت عقول البشرية حائرة مبهوتة أمام شجاعته و مظلوميته، و أصبحت لا تملك سوي العواطف الجياشة، و ذرف الدموع، و البكاء علي مصابه الذي لم يشهد له التاريخ الانساني مثيلا.

ان اقامة مجالس العزاء، البكاء، ضرب الصدور، و... و... انما تعبر عن العشق و المحبة لسبط النبي الكريم، الذي قص الله تعالي مصابه علي نبيه زكريا عليه السلام


حتي لم يتمالك نفسه لهول ما سمع؛ فانتفض باكيا منتحبا و قال:

الهي! أتفجع خير جميع خلقك بولده؟...

الهي! أتلبس عليا و فاطمة عليهماالسلام ثياب هذه المصيبة؟... [10] .

الحسين عليه السلام هو الدم الذي يطالب به الله تعالي علي يد ولده الخلف الصالح و المهدي المنتظر عجل الله تعالي فرجه لينتقم به ممن أراقه ظلما... ان شاء الله.

و بالرغم من مرور أربعة عشر قرنا علي هذه المصيبة، لا زالت قوافل العزاء لعشاق هذا الامام تحث الخطي في هذا الوادي بكل اخلاص وبلا رياء، باقامة العزاء و التعبير عن عواطفهم و أحاسيسهم تجاه امامهم، كل بمقدار معرفته و عشقه له عليه السلام.

و الذي تجدر الاشارة اليه في هذا الجانب هو دور أصحاب الأقلام و الكتاب الذين يرسمون الطريق الأصوب لهذه القوافل في تعبيرها عن حبها لامامها لتصب العبرة و تأخذ العبرة من خلال تصوير وقائع المصيبة لحظة بلحظة.

و لقد أبلي علماء الامامية في هذا المضمار بلاء حسنا، حيث صوروا الواقعة تصويرا رائعا جسدوا من خلاله عظم الرزية و جلل المصاب، فكانت كتب: اللهوف للسيد ابن طاووس رحمه الله، و الارشاد للشيخ المفيد رحمه الله... و... و...

و كان من جملة هؤلاء العلماء أيضا والذي عرف بولائه و عشقه و ذوبانه في الامام الحسين عليه السلام.. العالم و الخطيب الألمعي المولي محمد رفيع بن قهرمان الگرمرودي التبريزي. فهو عالم قدير و خطيب شهير له علاقة خاصة بمولاه الحسين عليه السلام تري واضحة في مقدمته لهذا الكتاب، فهو بالاضافة الي وعظه


و ارشاده، كان مهتما جدا بابراز المعالم الواضحة لمدرسة الامام الحسين عليه السلام، و التأكيد عليها، و ما هذا الا أثر خالد له رحمه الله وضعه بين يدي سيده عليه السلام لينتفع به يوم لا ينفع مال و لا بنون.

يقول الشيخ آقا بزرگ الطهراني في هذا العالم:

الشيخ محمد رفيع التبريزي (... - قرب 1330) هو الشيخ المولي محمد رفيع بن قهرمان الخاتون آبادي الگرمرودي، خطيب كامل و فاضل أديب، كان من فضلاء عصره و خطبائه البارعين، له «ذريعة النجاة» مقتل فارسي أكثره مأخوذ من «الدمعة الساكبة» للمولي محمد باقر الدهدشتي، فلقد لخص جزئه الثاني خصوص قضايا الطف و رتبها مع نقلها و ترجمتها الي الفارسية، كما أشرنا اليه في «الذريعة» [11] ... و طبع في ايران، و توفي قرب سنة 1330 [12] .

هذا الكتاب:

الكتاب الذي بين يديك كتاب قيم جمع من كتب المقاتل المهمة، و قد سعي مؤلفه رحمه الله أن ينقل فيه عن كتب التاريخ المعتبرة، و يصوغه بهذه الحلة القشيبة ليضعه في متناول أيدي عشاق و محبي أهل بيت العصمة و الطهارة عليهم السلام، و يمكن القول: أنه كتاب قل نظيره في مقوله، و واحد من المصادر و المراجع في هذا الباب، و موضع اهتمام كبار العلماء.

بعد فراغ المؤلف رحمته الله من تأليف هذا الكتاب القيم باللغة العربية، شرع


بترجمته الي اللغة الفارسية، فطبع باللغتين - الأصل العربي و ترجمته الفارسيد بين الأسطر - علي الحجر ثلاث مرات، في السنوات، 1300 ه، 1304 ه، و 1317 ه.

و بتوفيق من الله تعالي و عناية أئمتنا المعصومين عليهم السلام و خاصة سيد الشهداء الحسين عليه السلام و صاحب الأمر و الزمان عجل الله تعالي فرجه و وفقنا لتحقيق هذا الأثر النفيس.

آملين أن تكون آهات و عبرات عشاق و محبي أهل بيت العصمة و الطهارة مجموعة و مقرونة مع آهات و عبرات ولد الحسين عليه السلام الوحيد و الغريب و الطريد أعني قطب دائرة الامكان، امام العصر و الزمان عجل الله تعالي فرجه و أن نكون في ركابه للأخذ بثأر جده و أهل بيته، آمين رب العالمين.

قم المقدسة - محرم الحرام 1422 ه

محمد حسين الرحيميان



پاورقي

[1] مثير الأحزان: 4.

[2] البحار: 205 / 36 ح 8.

[3] مثير الأحزان: 4.

[4] البحار: 218 / 45.

[5] البحار: 279 / 44 ح 5.

[6] مثير الأحزان: 4.

[7] البحار: 280 / 44 ح 11.

[8] البحار: 283 / 44 ح 17.

[9] الصحيفة المبارکة المهدية: 430.

[10] البحار: 223 / 44 ح 1.

[11] الذريعة: 32 / 10.

[12] نقباء البشر: 788.