بازگشت

الفرس


وإلي جانب العنصر العربي الذي استوطن الكوفة كان العنصر الفارسي، وكانوا يسمون الحمراء [1] وقد سالوا عن أمنع القبائل العربية فقيل لهم تميم فتحالفوا معهم [2] واكبر موجة فارسية استوطنت الكوفة عقيب تاسيسها هي المجموعة الضخمة من بقايا فلول الجيوش الساسانية التي انضمت الي الجيش العربي، وأخذت تقاتل معه، وقد عرفت في التاريخ باسم " حمراء ديلم " فكان عددهم - فيما يقول المؤرخون - أربعة آلاف جندي يراسهم رجل يسمي (ديلم) قاتلوا معه تحت قيادة رستم في القادسية فلما انهزمت الفرس، وقتل رستم عقدوا أمانا مع سعد بن أبي وقاص، وشرطوا عليه أن ينزلوا حيث شاؤوا، ويحالفوا من أحبوا وان يفرض لهم العطاء، وقد حالفوا زهرة بن حوية التميمي أحد قادة الفتح، وفرض لهم سعد في الف الف، وأسلموا وشهدوا فتح المدائن معه كما شهدوا فتح جلولاء، ثم تحولوا فنزلوا الكوفة [3] .

وقد كونت هذه الجالية مجموعة كبيرة في المجتع الكوفي، ويذكر فلهوزن انهم كانوا اكثر من نصف سكان الكوفة، وقد أخذ عددهم بازدياد حتي تضاءلت نسبة العرب في الكوفة، وتغلبوا في عصر المامون حتي كانت اللغة الفارسية تحتل الصدارة في ذلك العصر [4] ويقول الجاحظ:


ان اللغة الفارسيات أثرت تاثيرا كبيرا في لغة الكوفة [5] .

وعلي أي حال فان الفرس كانوا يشكلون عنصرا مهما في الكوفة وكونوا بها جالية متميزة فكان أهل الكوفة يقولون: " جئت من حمراء ديلم " [6] ويقول البلاذري: ان زيادا سير بعضهم إلي الشام، وسير قوما منهم إلي البصرة [7] وقد شاركت هذه الجالية في كثير من الفتوحات الاسلامية، كما شكلت المد العالي للاطاحة بالحكم الاموي.


پاورقي

[1] الاخبار الطوال (ص 296).

[2] تاريخ الطبري.

[3] فتوح البلدان (ص 280) خطط الکوفة (ص 11).

[4] فک العربية (ص 83 - 84).

[5] البيان والتبيين 1 / 19 - 20.

[6] اتجاهات الشعر العربي في القرن الثاني الهجري (ص 55).

[7] فتوح البلدان (ص 279).