بازگشت

التمرد علي الولاة


والطابع الخاص الذي عرف به المجتمع الكوفي التمرد علي الولاة والتبرهم منهم، فلا يكاد يتولي عليه وال وحاكم حتي أعلنوا الطعن عليه فقد طعنوا في سعد بن أبي وقاص مؤسس مدينتهم واتهموه بانه لا يحسن الصلاة [1] فعزله عمرو ولي مكانه الصحابي الجليل عمار بن ياسر، ولم يلبثوا أن شكوه إلي عمر فعزله، وولي مكانه أبا موسي الاشعري، ولم تمض أيام من ولايته حتي طعنوا فيه، وقالوا: لا حاجة لنا في أبي موسي [2] .

وضاق عمر بهم ذرعا وبدا عليه الضجر فساله المغيرة عن شانه فقاله له: " ما فعلت هذا يا أمير المؤمنين إلا من عظيم، فهل نابك من نائب؟ ". فانبري عمر يشكو إليه الالم الذي داخله من أهل الكوفة قائلا: " وأي نائب أعظم من مائة الف لا يرضون عن أمير، ولا يرضي عنهم أمير. " [3] .

وتحدث عمر عنهم فقال: " من عذبري من أهل الكوفة إن استعملت عليهم القوي فجروه، وان وليت عليهم الضعيف حقروه. " [4] .

لقد جبلوا علي التمرد فهم لا يطيقون الهدوء والاستقرار، ويري ديمومبين أن هذه الظاهرة اعتادها الكوفيون من أيام الفرس الذين دابوا


علي تغيير حكامهم دوما [5] ويذهب فان فلوتن الي أن العرب المستقرين بالكوفة كانوا قد تعودوا علي حياة الصحراء بما فيها من ضغن وشحناء وحب الانتقام، والتخريب والاخذ بالثار فلذا تعودوا علي التمرد، وعدم الطاعة للنظام [6] .


پاورقي

[1] فتوح البلدان (ص 287).

[2] الطبري، وجاء فيه انهم اتهموه بانه يتاجر في اقواتهم.

[3] فتوح البلدان (ص 279).

[4] مختصر کتاب البلدان (ص 184) لابن الفقيه.

[5] النظم الاسلامية (ص 26).

[6] السيادة العربية (ص 11).