بازگشت

تنفيذ الاعدام في هانئ


وأمر الطاغية باعدام الزعيم الكبير هانئ بن عروة، والحاقه بمسلم مبالغة في اذلال زعماء الكوفة واذاعة للذعر والخوف بين الناس، وقام محمد بن الاشعث فتشفع فيه خوفا من بطش اسرته قائلا: " اصلح الله الامير إنك قد عرفت شرفه في عشيرته [1] وقد عرف قومه أني واسماء بن خارجة جئنا به إليك، فانشدك الله أيها الامير لما وهبته لي، فاني أخاف عداوة أهل بيته، وانهم سادات أهل الكوفة واكثرهم عددا.. ". فلم يحفل بن ابن زياد، وانما زبره وصاح به فسكت العبد، واخرج البطل الي السوق في موضع تباع فيه الاغنام مبالغة في اذلاله، ولما علم أنه ملاق حتفه جعل يستنجد باسرته، وقد رفع عقيرته. " وامذحجاه ولا مذحج لي اليوم.. واعشيرتاه " [2] .


ولو كانت عند مذحج صبابة من الشرف والنبل لانبرت الي انقاذ زعيمها، ولكنها كانت كغيرها من قبائل الكوفة، قد طلقت المعروف ثلاثا.. وعمد هانئ الي اخراج يده من الكتاف، وهو يطلب السلاح ليدافع به عن نفسه، فلما بصروا به بادروا إليه فاوثقوه كتافا وقالوا له: " امدد عنقك. " فاجاب برباطة جاش ورسوخ يقين: " لا والله ما كنت بالذي أعينكم علي نفسي " وانبري إليه وغد من شرطة ابن زياد يقال له: رشيد التركي [3] .



فصربه بالسيف فلم يصنع به شيئا، ورفع هانئ صوته قائلا: " اللهم الي رحمتك ورضوانك. اللهم اجعل هذا اليوم كفارة لذنوبي، فاني، انما تعصبت لابن بنت محمد.. ". وضربه الباغي ضرب أخري فهوي إلي الارض يتخبط بدمه الزاكي ولم يلبث قليلا حتي فارق الحياة [4] وكان عمره يوم استشهد تسعا وتسعين سنة [5] وقد مضي شيهدا دون مبادئه وعقيدته وجزع لقتله الاحرار والمصلحون، وقد رثاه ابو الاسود الدئلي بقوله:




أقول: وذاك من جزع ووجد

أزال الله ملك بني زياد



هم جدعوا الانوف وكن شما

بقتلهم الكريم أخا مراد [6] .



ورثاء الاخطل بن زياد بقوله:



ولم يك عن يوم ابن عروة غائبا

كما لم يغب عن ليلة ابن عقيل



اخو الحرب صراها فليس بنا كل

جبار ولا وجب الفؤاد ثقيل




پاورقي

[1] وفي رواية (عرفت شرفه في مصره).

[2] انساب الاشراف ق 1 ج 1 ص 155.

[3] وقد ثار لدم هانئ عبد الرحمن بن حصين فقتل رشيدا وفي ذلک يقول:



إني قتلت راشدا الترکيا

وليته أبيض مشرفيا



أرضي بذلک النبيا

جاء ذلک في انساب الاشراف ج 1 ق 1 ص 155.

[4] الدر النظيم (ص 160) من مصورات مکتبة الامام امير المؤمنين أنساب الاشراف ق 1 ج 1.

[5] مراة الزمان (ص 85).

[6] انساب الاشراف ق 1 ج 1 / 155 ديوان أبي الاسود.