بازگشت

الي الرفيق الاعلي


وآن للقائد العظيم أن يقتل عن هذه الحياة بعد ما أدي رسالته بامانة واخلاص، وقد رزق الشهادة علي يد الممسوخ القذر ابن مرجانة فندب لقتله بكيرا بن حمران الذي ضربه مسلم، فقال له: " خذ مسلما، واصعد به إلي أعلي القصر، واضرب عنقه بيدك ليكون ذلك أشفي لصدرك ". والتفت مسلم إلي ابن الاشعث الذي أعطاه الامان فقال له: " يابن الاشعث أما والله لولا انك آمنتني ما استسلمت، قم بسيفك دوني فقد اخفرت ذمتك " فلم يحفل به ابن الاشعث [1] .

واستقبل مسلم الموت بثغر باسم، فصعد به إلي اعلي القصر وهو يسبح الله ويستغفره بكل طمانينة ورضا وهو يقول: " اللهم احكم بيننا وبين قوم غرونا، وخذلونا " [2] .

وأشرف به الجلاد علي موضع الحذائيين فضرب عنقه، ورمي براسه


وجسده إلي الارض [3] وهكذا انتهت حياة هذا البطل العظيم الذي يحمل نزعات عمه أمير المؤمنين (ع) ومثل ابن عمه الحسين وقد استشهد دفاعا عن الحق ودفاعا عن حقوق المظلومين والمضطهدين. ونزل القاتل الاتيم فاستقبله ابن زياد فقال له: " ما كان يقول: وأنتم تصعدون به؟ " " كان يسبح الله، ويستغفره، فلما أردت قتله قلت له: الحمد لله الذي أمكنني منك واقادني منك فضربته ضربة لم تغن شيئا فقال لي: أما تري في خدشا تخدشنيه، وفاء من دمك ايها العبد ". فبهر ابن زياد وراح يبدي اعجابه واكباره له قائلا. " او فخرا عند الموت!! " [4] .

وقد انطوت بقتل مسلم صفحة مشرقة من اروع صفحات العقيدة والجهاد في الاسلام، فقد استشهد في سبيل العدالة الاجتماعية، ومن اجل انقاذ الامة وتحريرها من الظلم والجور، وهو اول شهيد من الاسرة النبوية يقتل علنا امام المسلمين، ولم يقوموا بحمايته والذب عنه.


پاورقي

[1] الطبري 6 / 213.

[2] الفتوح 5 / 103.

[3] مروج الذهب 3 / 9.

[4] تاريخ ابن الاثير 3 / 274.