بازگشت

مع ابن زياد


وكان من أعظم ما رزئ به مسلم ان يدخل اسيرا علي الدعي ابن مرجانة، فقد ود أن الارض وارته، ولا يمثل أمامه وقد شاءت المقادير


ان يدخل عليه وقد دخل تحف به الشرطة، فلم يحفل البطل بابن زياد ولم يعن به فسلم علي الناس ولم يسلم عليه، فانكر عليه الحرسي وهو من صعاليك الكوفة قائلا: " هلا تسلم علي الامير؟ " فصاح به مسلم محتقرا له ولاميره: " اسكت لا أم لك، مالك والكلام، والله ليس لي بامير فاسلم عليه " وكيف يكون ابن مرجانة أميرا علي مسلم سيد الاحرار، واحد المستشهدين في سبيل الكرامة الانسانية، انما هو أمير علي اولئك الممسوخين الذين لم يالفوا الا الخنوع والذل والعار. والتاع الطاغية من احتقار مسلم له، وتبدد جبروته، فصاح به: " لا عليك سلمت ام لم تسلم فانك مقتول " ولم يملك الطاغية سوي سفك الدم الحرام، وحسب أن ذلك يخيف مسلما او يوجب انهياره وخضوعه له، فانبري إليه بطل عدنان قائلا بكل ثقة واعتزاز بالنفس. " إن قتلتني فقد قتل من هو شر منك من كان خيرا مني ". ولذعه هذا الكلام الصارم، واطاح بغلوائه، فقد الحقه مسلم بالجلادين والسفاكين من قتلة الاحرار والمصلحين، واندفع الطاغية يصبح بمسلم: " يا شاق، يا عاق خرجت علي امام زمانك، وشققت عصا المسلمين والقحت الفتنة.. ". أي امام خرج عليه مسلم وأي عصا للمسلمين شقها، وأي فتنة القحها؟ انما خرج علي قرين الفهود والقرود لقد خرج لينفذ الامة من محنتها ايام ذلك الحكم الاسود، وانبري مسلم يرد عليه قائلا:


" والله ما كان معاوية خليفة باجماع الامة، بل تغلب علي وصي النبي (ص) بالحيلة، وأخذ منه الخلافة بالغصب، وكذلك ابنه يزيد.. وأما الفتنة فانما القحتها أنت وابوك زياد من بني علاج. وأنا ارجو أن يرزقني الله الشهادة علي يد شر بربته، فو الله ما خالفت ولا كفرت ولا بدلت، وانما أنا في طاعة أمير المؤمنين الحسين بن علي ونحن أولي بالخلافة من معاوية وابنه وآل زياد ". وكانت هذه الكلمات أشد علي ابن مرجانة من الموت، فقد كشفت واقعه أمام شرطته وعملائه، وجردته من كل نزعة انسانية، وابرزته كاحقر مخلوق علي وجه الارض، ولم يجد الدعي وسيلة يلجا إليها سوي الافتعالات الكاذبة التي هي بضاعته وبضاعة ابيه زياد من قبل، فاخذ يتهم مسلما بما هو برئ منه قاثلا: " يا فاسق ألم تكن تشرب الخمر في المدينة؟ " فصاح به مسلم: " احق والله بشرب الخمر من يقتل النفس المحرمة، وهو يلهو ويلعب كانه لم يسمع شيئا ". واسترد الطاغية تفكيره فراي ان هذه الاكاذيب لا تجديه شيئا فراح يقول له: - منتك نفسك امرا حال الله بينك وبينه وجعله لاهله فقال مسلم باستهزاء وسخرية: - من اهله؟ - يزيد بن معاوية - الحمد لله كفي بالله حاكما بيننا وبينكم - اتظن ان لك من الامر شيئا؟


- لا والله ما هو الظن ولكنه اليقين - قتلني الله إن لم اقتلك. - انك لا تدع سوء القتلة، وقبح المثلة، وخبث السريرة، والله لو كان معي عشرة ممن أثق بهم، وقدرت علي شربة ماء لطال عليك أن تراني في هذا القصر، ولكن ان كنت عزمت علي قتلي فاقم لي رجلا من قريش أوصي له بما أريد [1] وسمح له الطاغية بان يوصي بما أهمه.


پاورقي

[1] الفتوح 5 / 97 - 99.