بازگشت

الهجوم علي مسلم


وندب الطاغية لحرب مسلم عمرو بن حريث المخزومي صاحب شرطته ومحمدا بن الاشعث [1] وضم إليهما ثلثمائة رجل من صناديد الكوفة وفرسانها، واقبلت تلك الوحوش الكاسرة لحرب القائد العظيم الذي أراد أن يحررها من الذل والعبودية، وينقذها من الظلم والجور.. ولما سمع وقع حوافر الخيل وزعقات الرجال علم أنه قد أتي إليه فبادر الي فرسه فاسرجه والجمه وصب عليه درعه، وتقلد سيفه، والتفت الي السيدة الكريمة طوعة فشكرها علي ضيافتها، وأخبرها أنه انما أتي إليه من قبل ابنها الباغي اللئيم قائلا: " رحمك الله، وجزاك عني خيرا... اعلمي انما أتيت من قبل ابنك.. " [2] .

واقتحم الجيش عليه الدار فشد عليهم يضربهم بسيفه، ففروا منهزمين، ثم عادوا إليه فاخرجهم منها وانطلق نحوهم في السكة شاهرا سيفه لم يختلج في قلبه خوف ولا رعب، فجعل يحصد رؤوسهم بسيفه وقد أبدي من البطولات النادرة ما لم يشاهد لها التاريخ نظيرا في جميع


عمليات الحروب، وكان يقاتلهم وهو يرتجز:



هو الموت فاصنع ويك ما أنت صانع

فانت بكاس الموت لا شك جارع



فصبر لامر الله جل جلاله

فحكم قضاء الله في الخلق ذايع [3] .



وابدي سليل هاشم من الشجاعة وقوة الباس ما حير الالباب، وابهر العقول، فقد قتل منهم فيما يقول بعض المؤرخين واحدا وأربعين رجلا [4] .

ما عدا الجرحي، وكان من قوته النادرة أنه ياخذ الرجل بيده ويرمي به من فوق البيت [5] وليس في تاريخ الانسانية مثل هذا البطولة، ولا مثل هذه القوة وليس هذا غريبا عليه فعمه علي بن أبي طالب اشجع الناس واقواهم باسا، واشدهم عزيمة. واستعمل معه الجبناء من انذال اهل الكوفة الوانا قاسية وشاذة من الحرب فقد اعتلوا سطوح بيوتهم، وجعلوا يرمونه بالحجارة وقذائف النار [6] ولو كانت في ميدان فسيح لاتي عليهم ولكنها كانت في الازقة والشوارع.


پاورقي

[1] تذهيب التهذيب 1 / 151.

[2] الفتوح 5 / 92 - 93.

[3] مناقب ابن شهر اشوب 2 / 212.

[4] مناقب ابن شهر اشوب 2 / 212.

[5] المنذر النضيد (ص 164) نفس المهموم (ص 57).

[6] المحاسن والمساوئ للبيهقي 1 / 43.