بازگشت

ثورة مسلم


ولما علي مسلم بما جري علي هانئ بادر لاعلان الثورة علي ابن زياد لعمله بانه سيلقي نفس المصير الذي لاقاه هانئا، فاوعز إلي عبد الله بن حازم أن ينادي في أصحابه وقد ملابهم الدور، فاجتمع إليه أربعة آلاف [1] .


أو اربعون الفا [2] وهم ينادون بشعار المسلمين يوم البدر. " يا منصور أمت " [3] .

وقام مسلم بتنظيم جيشه، واسند القيادات العامة في الجيش إلي من عرفوا بالولاء والاخلاص لاهل البيت (ع) وهم: 1 - عبد الله بن عزيز الكندي: جعله علي ربع كندة 2 - مسلم بن عوسجة: جعله علي ربع مذحج 3 - أبو ثمامة الصائدي: جعله علي ربع قبائل بني تميم وهمدان 4 - العباس بن جعدة الجدلي: جعله علي ربع المدينة. واتجه مسلم بجيشه نحو قصر الامارة فاحاطوا به [4] وكان ابن زياد قد خرج من القصر ليخطب الناس علي أثر اعتقاله لهانئ، فجاء إلي المسجد الاعظم فاعتلي أعواد المنبر، ثم التفت الي أصحابه فراهم عن يمينه وشماله وفي ايديهم الاعمدة وقد شهروا سيوفهم للحفاظ عليه، فهدا روعه وخاطب اهل الكوفة قائلا: " أما بعد: يا اهل الكوفة فاعتصموا بطاعة الله ورسوله، وطاعة ائمتكم ولا تختلفوا، ولا تفرقوا فتهلكوا، وتذلوا، وتندموا، وتقهروا، فلا يجعلن احد علي نفسه سبيلا وقد اعذر من انذر ". وما أتم الطاغية خطابه حتي سمع الضجة واصوات الناس قد علت فسال عن ذلك فقيل له:


" الحذر، الحذر، هذا مسلم بن عقيل قد اقبل في جميع من بايعه.. ". واختطف الرعب لونه، وسرت الرعدة بجميع أوصاله فاسرع الجبان نحو القصر وهو يلهث من شدة الخوف، فدخل القصر، واغلق عليه ابوابه [5] وامتلا المسجد والسوق من اصحاب مسلم، وضاقت الدنيا علي ابن زياد، وايقن بالهلاك إذ لم تكن عنده قوة تحميه سوي ثلاثين رجلا من الشرط، وعشرين رجلا من الاشراف الذين هم من عملائه، [6] .

وقد تزايد جيش مسلم حتي بلغ فيما يقول بعض المؤرخون ثمانية عشر الفا وقد نشروا الاعلام وشهروا السيوف، وقد ارتفعت اصواتهم بقذف ابن زياد وشتمه، وجري بين اتباع ابن زياد وبين جيش مسلم قتال شديد كما نص علي ذلك بعض المؤرخين. وامعن الطاغية في اقرب الوسائل التي تمكنه من انقاذ حكومته من الثورة فراي ان لا طريق له سوي حرب الاعصاب ودعايات الارهاب فسلك ذلك.


پاورقي

[1] تاريخ ابن الاثير 3 / 271، المناقب لابن شهر اشوب 5 / 126 من مصورات مکتبة الامام امير المؤمنين.

[2] تهذيب التهذيب 2 / 351، تذهيب التهذيب 1 / 150 للذهبي من مصورات مکتبة الامام امير المؤمنين.

[3] هذا الشعار فيه تحريض للجيش علي الموت في الحرب للتغلب علي الاعداء، وفيه تفاؤل بالنصر.

[4] تاريخ ابن الاثير 3 / 271.

[5] البداية والنهاية 8 / 154، الفتوح 5 / 85.

[6] تاريخ ابن الاثير 3 / 271.