بازگشت

خطبة النعمان


وأعطي النعمان للشيعة قوة في ترتيب الثورة وتنظيما، وهيا لهم الفرص في احكام قواعدها مما ساء الحزب الاموي، فانكروا عليه ذلك، وحرضوه علي ضرب الشيعة فخرج النعمان، وصعد المنبر فاعلن للناس سياسته المتسمة بالرفق، فقال بعد حمد الله والثناء عليه. " أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، ولا تسارعوا إلي الفتنة والفرقة فان فيها تهلك الرجال وتسفك الدماء، وتغضب الاموال. إني لم اقائل من لم يقاتلني، ولا أثب علي من لا يثب علي، ولا اشاتمكم، ولا اتحرش بكم، ولا آخذ بالقرف [1] ولا الظنة ولا التهمة، ولكنكم إن أبديتم صفحتكم لي، ونكثتم بيعتكم، وخالفتم امامكم فو الله الذي لا إله إلا هو لاضربنكم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولو لم يكن منكم ناصر، أما اني أرجو أن يكون من يعرف الحق منكم اكثر ممن يرديه الباطل " [2] .

وليس في هذا الخطاب أي ركون إلي وسائل العنف والشدة، وانما كان فيه تحذير من مغبة الفتنة وحب للعافية، وعدم التعرض لمن لا يثب علي السلطة، وعدم أخذ الناس بالظنة والتهمة كما كان يفعل زياد بن أبيه


والي العراق، وعلق انيس زكريا علي خطاب النعمان بقوله: " ولنا من خطبه - أي خطب النعمان - في الكوفة برهان آخر علي أنه كان يري الفتنة يقظي، ولا بد أن تشتعل، وانه لن يهاجم القائمين بها قبل أن يهاجموه، فجعل لانصارها قوة وطيدة الاركان، ويدا فعالة في ترتيب المؤامرة وتنظيمها علي الاسس المتينة " [3] .


پاورقي

[1] القرف: التهمة.

[2] تاريخ ابن الاثير 3 / 267.

[3] الدولة الاموية في الشام (ص 41).