بازگشت

الرسائل


وعمد أهل الكوفة بعد مؤتمرهم فكتبوا الرسائل إلي الامام (ع) وهي تعرب عن اخلاصهم وولائهم له، وتحثه علي القدوم إليهم ليتولي قيادة الامة وهذه بعضها. 1 - قد جاء فيما بعد البسملة ما نصه: " من سليمان بن صرد، والمسيب بن نجية، ورفاعة بن شداد، وحبيب بن مظاهر، وشيعته والمسلمين من أهل الكوفة. أما بعد: فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد - يعني معاوية - الذي انتزي علي هذه الامة فابتزها أمرها، واغتصبها فيئها، وتامر عليها بغير رضي منها، ثم قتل خيارها واستبقي شرارها، وجعل مال الله دولة بين جبابرتها وأغنيائها فبعدا له كما بعدت ثمود... إنه ليس علينا امام


فاقبل لعل الله يجمعنا بك علي الحق، والنعمان بن بشير في قصر الامارة لسنا نجتمع معه في جمعة، ولا نخرج معه إلي عيد، ولو بلغنا أنك قد أقبلت إلينا أخرجناه حتي نلحقه بالشام إن شاء الله والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.. " [1] .

وكتبت هذه الرسالة في أواخر شهر شعبان، وحملها عبد الله الهمداني وعبد الله بن وائل الهمداني وقد أمروهما بالاسراع والحذر من العدو، وأخذا يجذان في السير لا يلويان علي شئ وقدما مكة لعشر مضين من رمضان [2] وسلما الرسالة للامام وعرفاه بشوق الناس الي قدومه. وقد عرضت هذه الرسالة مساوئ الحكم الاموي، فوصفت معاوية بالجبار العنيد، وانه ابتز أمر الامة بالقهر والغلبة، وتامر عليها بغير رضي منها، وقد قتل خيارها وصلحاءها وجعل العطاء خاصة للاغنياء والوجوه، وحرم منه بقية طوائف الشعب، كما عرضت الي مقاطعة الشيعة لحاكم الكوفة النعمان بن بشير، وانهم اذا بلغهم قدوم الامام قاموا باقصائه عن الكوفة والحاقه بدمشق. 2 - وقد أرسل الرسالة الثانية جماعة من أهل الكوفة وهذا نصها: " إلي الحسين بن علي من شيعته والمسلمين، أما بعد: فحي هلا [3] .

فان الناس ينتظرونك ولا راي لهم غيرك [4] فالعجل ثم العجل والسلام " [5] .


وحمل هذه الرسالة قيس بن مسهر الصيداوي من بني أسد، وعبد الرحمن ابن عبد الله الارحبي وعمارة بن عبد الله السلولي، كما حملوا معهم نحوا من خمسين صحيفة من الرجل والاثنين والثلاثة والاربعة [6] وهي تحت الامام علي الاسراع إليهم والترحيب بقدومه، وتعلن دعمهم الكامل له. 3 - وأرسل هذه الرسالة جماعة من الانتهازيين الذين لا يؤمنون بالله، وهم شبث بن ربعي اليربوعي ومحمد بن عمر التميمي، وحجار بن ابجر العجلي، ويزيد بن الحارث الشيباني، وعزرة بن قيس الاحمسي، وعمرو بن الحجاج الزبيدي، وهذا نصها: " أما بعد: فقد اخضر الجناب، وأينعت الثمار، وطمت الجمام [7] .

فاقدم علي جند لك جندة والسلام عليك،.. " [8] .

وأعربت هذه الرسالة عن شيوع الامل وازدهار الحياة، وتهياة البلاد عسكريا للاخذ بحق الامام، ومناجزة خصومه، وقد وقعها أولئك الاشخاص الذين كانوا في طليعة القوي التي زجها ابن مرجانة لحرب الامام ومن المؤكد أنهم لم يكونوا مؤمنين بحقه، وانما اندفعوا لمساومة السلطة الاموية، والحصول منها علي الاموال ومتع الحياة، كما صرح الامام الحسين بذلك أمام أصحابه. 4 - ومن بين تلك الرسائل " انا قد حبسنا أنفسنا عليك، ولسنا نحضر الصلاة مع الولاة، فاقدم علينا فنحن في مائة الف سيف، فقد فشا فينا الجور، وعمل فينا بغير كتاب الله وسنة نبيه، ونرجوا أن يجمعنا


الله بك علي الحق، وينفي عنابك الظلم، فانت أحق بهذا الامر من يزيد وأبيه الذي غضب الامة، وشرب الخمور، ولعب بالقرود والطنابير، وتلا عب بالدين " [9] .

5 - وكتب جمهور أهل الكوفة الرسالة الاتية ووقعوها وهذا نصها: " للحسين بن علي أمير المؤمنين من شيعة أبيه (ع) أما بعد: فان الناس ينتظرونك لا راي لهم في غيرك العجل العجل يابن رسول الله (ص) لعل الله أن يجمعنا بك علي الحق ويؤيد بك المسلمين والاسلام... بعد أجزل السلام وأتمه عليك ورحمة الله وبركاته " [10] .

6 - وكتب إليه جماعة هذه الرسالة الموجزة: " انا معك، ومعنا مائة الف سيف " [11] .

7 - وكانت آخر الرسائل التي وصلت إليه هذه الرسالة: " عجل القدوم يابن رسول الله فان لك بالكوفة مائة الف سيف فلا تتاخر " [12] .

وقد تتابعت عليه الرسائل ما ملا منها خرجين، ويقول المؤرخون: إنه اجتمع عنده في نوب متفرقة اثنا عشر الف كتاب [13] ووردت إليه قائمة فيها مائة وأربعون الف اسم يعربون عن نصرتهم له حال ما يصلي إلي


الكوفة [14] كما وردت عليه في يوم واحد ستمائة كتاب [15] .

وعلي أي حال فقد كثرت كتب أهل الكوفة إلي الامام وقد وقع فيها الاشربف وقراء المصر وهي تمثل تعطشهم لقدوم الامام ليكون منقذا لهم من طغمة الحكم الاموي ولكن بمزيد الاسف فقد انطوت صحيفة ذلك الامل، وانقلب الوضع وتغيرت الحالة، واذا بالكوفة تنتظر الحسين لتسقي سيوفها من دمه، وتطعم نبالها من لحمه.. تريد أن تحتضن جسد الحسين لتوزعه السيوف، تطعنه الرماح، وتسحقه الخيول بحوافراها: الكوفة تنتظر الحسين لتثب عليه وثبة الاسد، وتنشب أظفارها بذلك الجسد الطاهر، الكوفة تنتظر الحسين لتسبي عياله بدل أن تحميهم، وتروع أطفاله بدل أن تؤويهم [16] .

وهكذا شاءت المقادير، ولا راد لامر الله علي نكث القوم لبيعة الامام واجماعهم علي حربه ويقول المؤرخون ان الامام بعد ما وافته هذه الرسائل عزم علي أن يلبي أهل الكوفة ويوفد إليهم ممثله العظيم مسلم بن عقيل.



پاورقي

[1] انساب الاشراف (ق 1 ج 1) الامامة والسياسة 2 / 3 - 4 الطبري.

[2] الفتوح 5 / 44.

[3] حي هلا: اسم فعل بمعني اقبل وعجل.

[4] في تاريخ اليعقوبي 2 / 215، لا امام لهم غيرک.

[5] الارشاد (ص 224).

[6] أنساب الاشراف ق 1 ج 4.

[7] الجمام: الابار.

[8] أنساب الاشراف ق 1 ج 1 مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ص 74).

[9] تذکرة الخواص (ص 248) الصراط السوي في مناقب آل النبي للسيد محمود القادي من مصورات مکتبة الامام أمير المؤمنين، ويصورة موجزة رواه المسعودي في مروج الذهب 3 / 4.

[10] وسيلة المال (ص 185) الفصول المهمة لابن الصباغ (ص 170).

[11] أنساب الاشراف ق 1 ج 1.

[12] بحار الانوار 10 / 180.

[13] اللهوف (ص 19).

[14] الوافي في المسالة الشرقية 1 / 43.

[15] الدر المسلوک في احوال الانبياء والاوصياء 1 / 107 من مخطوطات مکتبة الامام الحکيم.

[16] مع الحسين في نهضته (ص 157).