بازگشت

استجابة يزيد بن مسعود


واستجاب الزعيم الكبير يزيد بن مسعود النهشلي إلي تلبية نداء الحق فاندفع بوحي من ايمانه وعقيدته إلي نصرة الامام، فعقد مؤتمرا عاما دعا فيه القبائل العربية الموالية له وهي: 1 - بنو تميم 2 - بنو حنظلة 3 - بنو سعد ولما اجتمعت هذه القبائل، انبري فيهم خطيبا، فوجه خطابه أولا إلي بني تميم فقال لهم: " يا بني تميم: كيف ترون موضعي فيكم، وحسبي منكم؟! " وتعالت أصوات بني تميم، وهي تعلن ولاءها المطلق، واكبارها له قائلين بلسان واحد: " بخ بخ!! أنت والله فقرة الظهر، وراس الفخر حللت في الشرف وسطا، وتقدمت فيه فرطا.. " وسره تاييدهم فانطلق يقول: إني جمعتكم لامر أريد أن أشاوركم، وأستعين بكم عليه.. " واندفعوا جميعا يظهرون له الولاء والطاعة قائلين: " إنا والله نمنحك النصيحة، ونجهد لك الراي فقل حتي نسمع "


وتطاولت الاعناق، واشرابت النفوس لتسمع ما يقول: الزعيم الكبير، وانبري قائلا: " إن معاوية مات، فاهون به - والله - هالكا ومفقودا، الا انه قد انكسر باب الجور والاثم، وتضعضعت أركان الظلم، وكان قد احدث بيعة عقد بها أمرا ظن أنه قد أحكمه، وهيهات الذي أراد!! اجتهد والله ففشل، وشاور فخذل، وقد قام يزيد شارب الخمور وراس الفجور يدعي الخلافة علي المسلمين، ويتامر عليهم بغير رضا منهم مع قصر حلم وقلة علم، لا يعرف من الحق موطا قدميه، فاقسم بالله قسما مبرورا لجهاده علي الدين أفضل من جهاد المشركين. وهذا الحسين بن علي، وابن رسول الله (ص) ذو الشرف الاصيل والراي الاثيل [1] له فضل لا يوصف، وعلم لا ينزف، وهو أولي بهذا الامر لسابقته وسنه، وقدمه وقرابته، يعطف علي الصغير، ويحسن إلي الكبير، فاكرم به راعي رعية، وامام قوم وجبت لله به الحجة وبلغت به الموعظة، فلا تعشوا عن نور الحق، ولا تسكعوا في وهد الباطل، فقد كان صخر بن قيس انخذل بكم يوم الجمل فاغسلوها بخروجكم إلي ابن رسول الله (ص) ونصرته، والله لا يقصر أحدكم عن نصرته إلا أورثه الله الذل في ولده، والقلة في عشيرته. وها أنا ذا قد لبست للحرب لامتها، وادرعت لها بدرعها، من لم يقتل يمت، ومن يهرب لم يفت، فاحسنوا رحمكم الله رد الجواب " وحفل هذا الخطاب الرائع بامور بالغة الاهمية وهي: أولا -: الاستهانة بهلاك معاوية، وانه قد انكسر بموته باب الظلم والجور.


ثانيا -: القدح في بيعة معاوية ليزيد. ثالثا -: عرض الصفات الشريرة الماثلة في يزيد من الادمان علي الخمر، وفقد الحلم، وعدم العلم، وعدم التبصر بالحق. رابعا -: الدعوة إلي الالتفات حول الامام الحسين (ع) وذلك لما يتمتع به من الصفات الشريفة كاصالة الفكر، وغزارة العلم، وكبر السن، والعطف علي الكبير والصغير وغير ذلك من النزعات الكريمة التي تجعله أهلا لامامة المسلمين. خامسا -: انه عرض للجماهير عن استعداده الكامل للقيام بنصرة الامام والذب عنه. ولما أنهي الزعيم العظيم خطابه انبري وجهاء بني حنظلة فاظهروا الدعم الكامل له قائلين: " يا أبا خالد: نحن نبل كنانتك، وفرسان عشيرتك. إن رميت بنا اصبت، وان غزوت بنا فتحت. لا تخوض والله غمرة الا خضناها ولا تلقي والله شدة إلا لقيناها ننصرك باسيافنا ونقيك بابداننا اذا شئت " وكان منطقا مشرفا دل علي تعاطفهم، ووقوفهم إلي جانبه، رقام من بعدهم بنو عامر فاعربوا عن ولائهم العميق له قائلين: " يا أبا خالد نحن بنو أبيك، وحلفاؤك لا نرضي إن غضبت، ولا نبقي ان ظعنت والامر اليك فادعنا اذا شئت.. ". وأما بنو سعيد فاظهروا التردد وعدم الرغبة فيما دعاهم اليه، قائلين: " يا أبا خالد: ان ابغض الاشياء الينا خلافك، والخروج عن رايك، وقد كان صخر بن قيس أمرنا بترك القتال يوم الجمل، فحمدنا أمرنا، وبفي عزنا فينا، فامهلنا نراجع المشورة، وناتيك براينا. ". وساءه تخاذلهم فاندفع يندد بهم قائلا:


" لئن فعلتموها لارفع الله السيف عنكم أبدا، ولا زال سيفكم فيكم.. ".


پاورقي

[1] الراي الاثيل: الاصيل.