بازگشت

الحسين مع ابن عمر و ابن عباس


وكان عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر مقيمين في مكة حينما أقبل الامامم الحسين إليها، وقد خفا لاستقباله والتشرف بخدمته، وكانا قد عزما علي مغادرة مكة، فقال له ابن عمر! " أبا عبد الله، رحمك الله، اتق الله الذي إليه معادك، فقد عرفت من عداوة أهل البيت - يعني بني أمية - لكم، وقد ولي الناس هذا الرجل يزيد بن معاوية، ولست آمن أن يميل الناس إليه لمكان هذه الصفراء


موطن، يريدون في ذلك قتله، وسفك دمه، وهو لم يشرك بالله ولا اتخذ من دونه وليا، ولم يتغير عما كان عليه رسول الله (ص). " وانبري ابن عباس يؤيد كلامه، ويدعم قوله قائلا: " ما أقول: فيهم الا انهم كفروا بالله ورسوله، ولا ياتون الصلاة الا وهم كسالي يراءون الناس ولا يذكرون الله الا قليلا مذبذبين لا إلي هؤلاء ولا الي هؤلاء، ومن يظل الله فلن تجد له سبيلا، وعلي مثل هؤلاء تنزل البطشة الكبري، وأما أنت يا بن رسول الله فانك راس الفخار برسول الله، فلا تظن يابن بنت رسول الله أن الله غافل عما يفعل الظالمون وأنا اشهد أن من رغب عن مجاورتك، وطمع في محاربتك، ومحاربة نبيك محمد فماله من خلاق... ". وانبري الامام الحسين فصدق قوله قاثلا: " اللهم نعم ". وانطلق ابن عباس يظهر له الاستعداد للقيام بنصرته قاثلا: " جعلت فداك يابن بنت رسول الله، كانك تريدني إلي نفسك، وتريد مني أن أنصرك، والله الذي لا إله إلا هو ان لو ضربت بين يديك بسيفي هذا بيدي حتي انخلعا جميعا سن كفي لما كنت ممن وفي من حقك عشر العشر، وها انا بين يديك مرني بامرك ". وقطع ابن عمر كلامه، وأقبل علي الحسين فقال له: " مهلا عما قد عزمت عليه، وارجع من هنا الي المدينة، وادخل في صلح القوم، ولا تغب عن وطنك، وحرم جدك رسول الله (ص) ولا تجعل لهؤلاء الذين لا خلاق لهم علي نفسك حجة، وسبيلا، وإن أحببت أن لا تبايع فانت متروك حتي تري رايك، فان يزيد بن معاوية عسي أن لا يعيش إلي قليلا فيكفيك الله أمره ". وزجره الامام، ورد عليه قوله قائلا:


والبيضاء، فيقتلونك، ويهلك فيك بشر كثير، فاني قد سمعت رسول الله (ص) يقول: " حسين مقتول، ولئن قتلوه وخذلوه، ولن ينصروه ليخذلهم الله إلي يوم القيامة، وأنا أشير عليك أن تدخل في صلح ما دخل فيه الناس واصبر كما صبرت لمعاوية من قبل، فلعل الله أن يحكم بينك وبين القوم الظالمين. ". فقال له ابي الضيم " " أنا أبايع يزيد، وأدخل في صلحه؟!! وقد قال النبي (ص) فيه وفي أبيه ما قال ": وانبري ابن عباس فقال له: " صدقت أبا عبد الله قال النبي (ص) في حياته: " ما لي وليزيد لا بارك الله في يزيد، وانه يقتل ولدي، وولد ابنتي الحسين، والذي نفسي بيده، لا يقتل ولدي بين ظهراني قوم فلا يمنعونه الا خالف الله بين قلوبهم وألسنتهم ". وبكي ابن عباس والحسين، والتفت إليه قائلا: " يا بن عباس أتعلم أني ابن بنت رسول الله (ص)؟ ". " اللهم نعم.. نعلم ما في الدنيا أحد هو ابن بنت رسول الله غيرك وان نصرك لفرض علي هذه الامة كفريضة الصلاة والزكاة التي لا يقبل أحدهما دون الاخري.. ". فقال له الحسين: " يا بن عباس، ما تقول في قوم أخرجوا ابن بنت رسول الله (ص) من داره، وقراره، ومولده وحرم رسوله، ومجاورة قبره ومسجده وموضع مهاجره، فتركوه خائفا مرعوبا لا يستقر في قرار، ولا ياوي في


" اف لهذا الكلام أبدا ما دامت السماوات والارض، اسالك يا عبد الله أنا عندك علي خطا من أمري؟ فان كنت علي خطا ردني فانا أخضع، وأسمع وأطيع ": فقال ابن عمر: " اللهم لا، ولم يكن الله تعالي يجعل ابن بنت رسول الله علي خطا وليس مثلك من طهارته وصفوته من رسول الله (ص) علي مثل يزيد ابن معاوية، ولكن أخشي أن يضرب وجهك هذا الحسن الجميل بالسيوف وتري من هذه الامة ما لا تحب، فارجع معنا إلي المدينة، وان لم تحب أن تبايع، فلا تبايع أبدا، واقعد في منزلك ". " والتفت إليه الامام فاخبره عن خبث الامويين، وسوء نواياهم نحوه قائلا: " هيهات يا بن عمر ان القوم لا يتركوني، وإن أصابوني، وان لم يصيبوني، فلا يزالون حي أبايع وأنا كاره، أو يقتلوني، أما تعلم يا عبد الله ان من هوان الدنيا علي الله تعالي أنه أتي براس يحيي بن زكريا إلي بغي من بغايا بني اسرائيل، والراس ينطق بالحجة عليهم؟!! أما تعلم يا أبا عبد الرحمن ان بني اسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلي طلوع الشمس سبعين نبيا ثم يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كلهم كانهم لم يصنعوا شيئا، فلم يعجل الله عليهم ثم أخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر.. " [1] .

وكشفت هذه المحاورة عن تصميمه علي الثورة، وعزمه علي مناجزة يزيد لانه لا يتركه وشانه، فاما أن يبايع، وبذلك يذل هو ويذل الاسلام


وتستباح حرماته، وأما أن يقتل عزيزا كريما، فاختار المنية للحفاظ علي كرامته وكرامة الامة ومقدساتها.


پاورقي

[1] الفتوح 5 / 38 - 42.