بازگشت

راي رخيص


ووصف جماعة من المتعصبين لبني أمية خروج الامام علي يزيد بانه كان من اجل الملك والظفر بخيرات البلاد، وهذا الراي ينم عن حقدهم علي الامام بما احرزه من الانتصارات الرائعة في نهضته المباركة التي لم يظفر بمثل معطياتها أي مصلح اجتماعي في الارض، وقد يكون لبعضهم العذر لجهلهم بواقع النهضة الحسينية، وعدم الوقوف علي اسبابها، لقد كان الامام علي يقين باخفاق ثورته في الميادين العسكرية، لان خصمه كان يدعمه جند مكثف أولو قوة واولو باس شديد، وهو لم تكن عنده أية قوة عسكرية ليحصل علي الملك، ولو كان الملك غايته - كما يقولون - لعاد


إلي الحجاز او مكان آخر حينما بلغه مقتل سفيره مسلم بن عقيل، وانقلاب الكوفة عليه، ويعخمل حينئذ من جديد علي ضمان غايته، نجاح مهمته لقد كان الامام علي علم بان الاوضاع السائدة كلها كانت في صالح بني امية وليس منها مما يدعمه او يعود لصالحه، يقول ابن خلدون: " ان هزيمة الحسين كانت امرا محتما لان الحسين لم تكن له الشوكة التي تمكنه من هزيمة الامويين لان عصبية مضر في قريش، وعصبية قريش في عبد مناف وعصبية عبد مناف في بني امية، فعرف ذلك لهم قريش وسائر الناس لا ينكرونه " [1] .

لقد كانت ثورة الامام من اجل غاية لا يفكر بها اولئك الذين فقدوا وعيهم، واختيارهم فقد كان خروجه علي حكم يزيد من اجل حماية المثل الاسلامية والقيم الكريمة من الامويين الذين حملوا معول الهدم.. يقول بعض الكتاب المعاصرين. " ويحق لنا أن نسال ما ذا كان هدف الحسين عليه السلام، وماذا كانت القضية التي يعمل من أجلها؟ أما لو كان هدفه شخصيا يتمثل في رغبته في اسقاط يزيد ليتولي هو بنفسه الخلافة التي كان يطمع إليها، ما وجدنا فيه هذا الاصرار علي التقدم نحو الكوفة رغم وضوح تفرق الناس من حوله، واستسلامهم لابن زياد، وحملهم السلاح في اعداد كثيرة لمواجهته والقضاء عليه. ان أقصر الناس نظرا كان يدرك ان مصيره لن يختلف عما آل إليه فعله، ولو كان الحسين بهذه المكانة من قصر النظر لعاد إلي مكة ليعمل من جديد للوصول إلي منصب الخلافة.. ولو كان هدفه في أول الامر الوصول الي منصب الخلافة ثم لما بلغه مصرع ابن عمه قررموا صلة السفر للثار


من قاتليه - كما يزعم بعض الباحثين - استجابة لقضية اهله واقاربه، لو كان هذا هدفه لادرك ان جماعته التي خرجت معه للثار وهي لا تزيد علي التسعين رجالا ونساءا واطفالا لن تصل إلي شئ من ذلك من دون ان يقضي علي افرادها جميعا، وبغير ان يضحي هو بنفسه ضحية رخيصة في ميدان الثار. ومن ثم يكون من واجبه للثار ان يرجع ليعيد تجميع صفوف انصاره واقربائه، ويتقدم في الجمع العظيم من الغاصبين والموتورين. فالقضية اذا ليست في الجمع ثار والهدف ليس هدفا شخصيا، وانما الامر أمر الامة، والقضية كانت للحق، والاقدام اقدام الفدائي الذي أراد أن يضرب المثل بنفسه في البذل والتضحية، ولم يكن اصرار الحسين علي التقدم نحو الكوفة بعد ما علم من تخاذل أهلها ونكوصهم عن الجهاد إلا ليجعل من استشهاده علما تلتف حوله القلة التي كانت لا تزال تؤمن بالمثل وتلتمس في القادة من ينير لها طريق الجد في الكفاح.. وتحريكا لضمائر المتخاذلين القاعدين عن صيانة حقوقهم ورعاية صوالحهم ". والم هذا القول بالواقع المشرق الذي ناضل من أجله الامام الحسين فهو لم يستهدف أي مصلحة ذاتية، وانما استهدف مصلحة الامة وصيانتها من الامويين.


پاورقي

[1] المقدمة (ص 152).