بازگشت

الثورة الحسينية اسبابها و مخططاتها


ولم يفجر الامام الحسين (ع) ثورته الكبري أشرا، ولا بطرا، ولا ظالما، ولا مفسدا - حسب ما يقول - وانما انطلق ليؤسس معالم الاصلاح في البلاد، ويحقق العدل الاجتماعي بين الناس، ويقضي علي أسباب النكسة الاليمة التي مني بها المسلمون في ظل الحكم الاموي الذي الحق بهم الهزيمة والعار. لقد انطلق الامام ليصحح الاوضاع الراهنة في البلاد، ويعيد للامة ما فقدته من مقوماتها وذاتياتها، ويعيد لشراينها الحياة الكريمة التي تملك بها ارادتها وحريتها في مسيرتها النضالية لقيادة أمم العالم في ظل حكم متوازن تذاب فيه الفوارق الاجتماعية، وتقام الحياة علي أسس صلبة من المحبة والاخاء، انه حكم الله خالق الكون وواهب الحياة، لا حكم معاوية الذي قاد مركبة حكومته علي اماتة وعي الانسان، وشل حركاته الفكرية والاجتماعية. لقد فجر الامام (ع) ثورته الكبري التي أوضح الله بها الكتاب، وجعلها عبرة لاولي الالباب، فاضاء بها الطريق، وأوضح بها القصد، وانار بها الفكر، فانهارت بها السدود والحواجز التي وضعها الحكم الاموي امام التطور الشامل الذي يريده الاسلام لابنائه، فلم يعد بعد الثورة أي ظل للسلبيات الرهيبة التي أقامها الحكم الاموي علي مسرح الحياة الاسلامية، فقد انتقضت الامة - بعد مقتل الامام - كالمارد الجبار وهي تسخر من الحياة، وتستهزا بالموت، وتزج بابنائها في ثورات متلاحقة حتي اطاحت بالحكم الاموي، واكتسحت معالم زهوه. ولم يقدم الامام علي الثورة إلا بعد ان انسدت امامه جميع الوسائل وانقطع كل أمل له في اصلاح الامة، وانقاذها من السلوك في المنعطفات فايقن انه لا طريق للاصلاح إلا بالتضحية الحمراء، فهي وحدها التي


تتغير بها الحياة، وترتفع راية الحق عالية في الارض. وفيما اعتقد ان أهم ما يتطلبه القراء لامثال هذه البحوث الوقوف علي أسباب الثورة الحسينية ومخططاتها، وفيما يلي ذلك.