بازگشت

مع أخيه ابن الحنفية


وفزع محمد بن الحنيفة الي الحسين، فجاء يتعثر في خطاه، وهو لا يبصر طريقه من شدة الحزن والاسي، ولما استقر به المجلس اقبل علي الحسين قال له بنبرات مشفوعة بالاخلاص والحنو عليه. " يا أخي فدتك نفسي، أنت أحب الناس إلي، وأعزهم علي، ولست والله أدخر النصيحة لاحد من الخلق، وليس أحد أحق بها منك فانك كنفسي وروحي، وكبير أهل بيتي، ومن عليه اعتمادي، وطاعته في عنقه لان الله تبارك وتعالي قد شرفك وجعلك من سادات أهل الجنة واني اريد أن اشير عليك برايي فاقبله مني... ". لقد عبر محمد بهذا الحديث الرقيق عن عواطفه الفياضة المترعة بالولاء والاكبار لاخيه، واقبل عليه الامام فقال له محمد: " اشير عليك أن تتنخ ببيعتك عن يزيد بن معاوية وعن الامصار ما استطعت، ثم ابعث برسلك الي الناس، فان بايعوك حمدت الله علي ذلك وان اجتمعوا علي غيرك لم ينقض الله بذلك دينك، ولا عقلك، ولم تذهب مروءتك، ولا فضلك، واني اخاف عليك أن تدخل مصرا من هذه


الامصار فيختلف الناس بينهم فطائفة معك، وأخري عليك، فيقتتلون، فتكون لاول الاسنة غرضا، فاذا خير هذه الامة كلها نفسا وأبا وأما أضيعها دما واذلها اهلا.. ". وبادر الامام الحسين فقال له: " اين أذهب؟ " " تنزل مكة فان اطمانت بك الدار، والا لحقت بالرمال، وشعب الجبال وخرجت من بلد الي آخر حتي ننظر ما يصير إليه أمر الناس، فانك اصوب ما تكون رايا واحزمهم عملا، حتي تستقل الامور استقبالا ولا تكون الامور أبدا اشكل عليك منها حتي تستدبرها استدبارا " [1] .

وانطلق الامام وهو غير حافل بالاحداث، فاخبره عن عزمه وتصميمه الكامل علي رفض البيعة ليزيد قائلا: " يا أخي: لو لم يكن في الدنيا ملجا ولا ماوي لما بايعت يزيد ان معاوية ". وانفچر ابن الحنفية بالبكاء، فقد أيقن بالرزء القاصم، واستشف ماذا سيجري علي أخيه من الرزايا والخطوب، وشكر الامام نصيحته وقال له: " يا اخي: جزاك الله خيرا لقد نصحت، وأشرت بالصواب، وأنا عازم علي الخروج الي مكة، وقد تهيات لذلك أنا واخوتي وبنو أخي وشيعتي أمرهم أمري، ورايهم رايي، وأما أنت فلا عليك أن تقيم بالمدينة فتكون لي عينا لا تخف عني شيئا من امورهم " [2] .



پاورقي

[1] تاريخ الطبري 6 / 191.

[2] الفتوح 5 / 32.