بازگشت

رؤيا الحسين لجده


وأخذ الحسين يطيل النظر الي قبر جده، وقد وثقت نفسه أنه لا يتمتع برؤيته، وانفجر بالبكاء، وقبل أن يندلع نور الفجر غلبه النوم فراي جده الرسول (ص) قد اقبل في كتيبة من الملائكة فضم الحسين الي صدره وقبل ما بين عينيه، وهو يقول له: " يا بني كانك عن قريب اراك مقتولا مذبوحا بارض كرب وبلاء، بين عصابة من امتي، وانت مع ذلك عطشان لا تسقي، وظمان


لا تروي، وهم مع ذلك يرجون شفاعتي يوم القيامة، فما لهم عند الله من خلاق. حبيبي يا حسين إن أباك وأمك وأخاك قد قدموا علي، وهم إليك مشتاقون ان لك في الجنة درجات لن تنالها إلا بالشهادة... ". وجعل الحسين يطيل النظر إلي جده (ص) ويذكر عطفه وحنانه عليه فازداد وجيبه، وتمثلت أمامه المحن الكبري التي يعانيها من الحكم الاموي فهو اما ان يبايع فاجر بني أمية أو يقتل، وأخذ يتوسل الي جده ويتضرع اليه قائلا: " يا جداه لا حاجة لي في الرجوع الي الدنيا، فخذني إليك، وادخلني معك الي منزلك ". والتاع النبي (ص) فقال له: " لا بد لك من الرجوع الي الدنيا، حتي ترزق الشهادة، وما كتب الله لك فيها من الثواب العظيم فانك، واباك، وأخاك، وعمك، وعم أبيك تحشرون يوم القيامة، في زمرة واحدة حتي تدخلوا الجنة " [1] .

واستيقظ الحسين فزعا مرعوبا قد المت به تيارات من الاسي والاحزان وصار علي يقين لا يخامره أدني شك انه لا بد أن يرزق الشهادة، وجمع أهل بيته فقص عليهم رؤياه الحزينة، فطافت بهم الالام، وأيقنوا بنزول الرزء القاصم، ووصف المؤرخون شدة حزنهم، بانه لم يكن في ذلك اليوم لا في شرق الارض ولا في غربها أشد غما من أهل البيت رسول الله (ص) ولا أكثر باكية وباك منهم [2] .



پاورقي

[1] الفتوح 5 / 28 - 29.

[2] مقتل العوالم (ص 54).