بازگشت

تبرير معاوية


ودافع جماعة من المؤلفين والكتاب عن معاوية وبرروا بيعته ليزيد التي كانت من افجع النكبات التي مني بها العالم الاسلامي، وفيما يلي بعضهم: 1- احمد دحلان ومن اصلب المدافعين عن معاوية احمد دحلان قال: " فلما نظر


معاوية إلي قوة شوكتهم - يعني الامويين - واستحكام عصبيتهم حتي انهم لو خرجت الخلافة عنهم بعده يحدثون فتنة ويقع افتراق للامة فاراد اجتماع الكلمة بجعل الامر فيهم، ثم انه نظر فيمن كان منهم اقوي شوكة فراه ابنه يزيد لانه كان كبيرا، وباشر امارة الجيوش في حياة أبيه وصارت له هيبة عند الامراء، وله تمكن، ونفاذ كلمة فلو جعل الامر لغيره منهم كان ذلك سببا لمنازعته لا سيما وله تمكن واقتدار علي الاستيلاء علي ما في بيت المال من الاموال فيقع الافتراق والاختلاف لو جعل الامر لغيره، فراي أن جعل الامر له بهذا الاجتهاد يكون سببا للالفة، وعدم الافتراق وهذا هو السبب في جعله ولي عهده، ولم يعلم ما يبديه الله بعد ذلك.. " [1] .

حفنة من التراب علي أمثال هؤلاء الذين دفعتهم العصبية الاثمة إلي تبرير المنكر وتوجيه الباطل، فهل ان أمر الخلافة التي هي ظل الله في الارض يعود الي الامويين حتي يرعي معاوية عواطفهم ورغباتهم وهم الذين ناهضوا نبي الاسلام، وناجزوه الحرب، وعذبوا كل من دخل في دين الاسلام فكيف يكون أمر الخلافة بايديهم ولو كان هناك منطق ووعي ديني لكانوا في ذيل القافلة ولا يحسب لهم أي حساب. 2 - الدكتور عبد المنعم ومن المبررين لمعاوية في بيعته ليزيد الدكتور عبد المنعم ماجد قال: " ويبدو أن معاوية قصد من وراء توريث يزيد الخلافة القضاء علي افتراق كلمة الامة الاسلامية، ووقوع الفتنة مثلما حدث بعد عثمان، ولعله أيضا أراد أن يوجد حلا للمسالة، التي تركها النبي (ص) دون حل وهي ايجاد سلطة دائمة للاسلام ومن المحقق أن معاوية لم يكن له مندوحة من أن يفعل


ذلك خوفا من غضب بني أمية الذين لم يكونوا يرضون بتسليم الامر إلي سواهم. " [2] وهذا الراي لا يحمل أي طابع من التوازن فان معاوية في بيعته ليزيد لم يجمع كلمة المسلمين وانما فرقها واخلد لهم الشر والخطوب فقد عانت الامة - في عهد يزيد - من ضروب البلاء والمحن ما لا يوصف لفضاعته ومرارته، فقد جهد حفيد أبي سفيان علي تدمير الاسلام، وسحق جميع مقدساته وقيمه، فاباد العترة الطاهرة التي هي عديلة القران الكريم حسب النصوص النبوية المتواترة وأنزل باهل المدينة في واقعة الحرة من الجرائم ما تندي له جبين الانسانية، فهل جمع بذلك معاوية كلمة المسلمين ووحد صفوفهم ومما يدعو إلي السخرية ما ذهب اليه من أن النبي (ص) ترك مسالة الخلافة بغير حل فجاء معاوية فحل هذه العقدة، ببيعته ليزيد!! إن النبي (ص) لم يترك أي شان من شؤون أمته بغير حل وانما وضع لها الحلول الحاسمة، وكان أهم ما عني به شان الخلافة فقد عهد بها إلي أفضل أمته وباب مدينة علمه الامام أمير المؤمنين (ع) وقد بايعه كبار الصحابة وعموم من كان معه في يوم الغدير، ولكن القوم كرهوا اجتماع النبوة والخلافة في ببت واحد فزووا الخلافة عن أهل بيت نبيهم فادي ذلك إلي أن يلي أمر المسلمين يزيد وأمثاله من المنحرفين الذين أثبتوا في تصرفاتهم أنهم لا علاقة لهم بالاسلام، ولا عهد لهم بالدين. 3 - حسين محمد يوسف ومن المدافعين - بحرارة - عن معاوية في ولايته ليزيد حسين محمد يوسف وقد أطال الكلام - بغير حجة - في ذلك، قال في آخر حديثه: وخلاصة القول في موقف معاوية أنه كان مجتهدا في راية، وانه حين دعا


الامة الي بيعة يزيد، كان حسن الظن به " لانه لم يثبت عنده أي نقص فيه، بل كان يزيد يدس علي أبيه من يحسن له حاله، حتي اعتقد أنه أولي من أبناء بقية الصحابة كلهم " فان كان معاوية قد أصاب في اختياره فله اجران، وان كان قد أخطا فله أجر واحد، وليس لاحد بعد ذلك أن يخوض فيما وراء ذلك فانما الاعمال بالنيات ولك امرئ مانوي " [3] .

ان من المؤسف - حقا - أن ينبري هؤلاء، لتبرير معاوية في اقترافه لهذه الجريمة النكراء التي اغرقت العالم الاسلامي بالفتن والخطوب.. ومتي اجتهد معاوية في فرض ابنه خليفة علي المسلمين؟ فقد سلك في سبيل ذلك جميع المنعطفات والطريق الملتوية، فارغم عليها المسلمين، وفرضها عليهم تحت غطاء مكثف من قوة الحديد... ان معاوية لم يجتهد في ذلك، وانما استجاب لعواطفه المترعة بالحنان والولاء لولده من دون أن يرعي أي مصلحة للامة في ذلك. هؤلاء بعض المؤيدين لمعاوية في عقده البيعة ليزيد، وهم مدفوعون بدافع غريب علي الاسلام، وبعيد كل البعد عن منطق الحق.


پاورقي

[1] تاريخ دول الاسلامية (ص 28).

[2] التاريخ السياسي للدولة العربية 2 / 62.

[3] سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي (ص 208).