لقد رفع حجر بن عدي علم النضال، وكافح عن حقوق المظلومين والمضطهدين، وسحق ارادة الحاكمين من بني امية الذين تلاعبوا في مقدرات الامة وحولوها الي مزرعة جماعية لهم ولعملائهم واتباعهم... لقد استهان حجر من الموت وسخر من الحياة، واستلذ الشهادة في سبيل عقيدته، فكان احد المؤسسين لمذهب اهل البيت (ع).


وامتحن حجر كاشد ما تكون المحنة قسوة حينما راي السلطة تعلن سب الامام امير المؤمنين (ع) وترغم الناس علي البراءة منه فانكر ذلك، وجاهر بالرد علي ولاة الكوفة، واستحل زياد بن ابيه دمه فالقي عليه القبض، وبعثه مخفورا مع كوكبة من اخوانه الي معاوية، واوقفوا في (مرج عذراء) فصدرت الاوامر من دمشق باعدامهم، ونفذ الجلادون فيهم حكم الاعدام فخرت جثثهم علي الارض وهي ملفعة بدم الشهادة والكرامة وهي تضئ للناس معالم الطريق نحو حياة افضل لا ظلم فيها، ولا طغيان. مذكرة الامام الحسين وفزع الامام الحسين حينما وافته الانباء بمقتل حجر فرفع مذكرة شديدة اللهجة الي معاوية ذكر فيها احداثه وبدعه، والتي كان منها قتله لحجر والبررة من اصحابه، وقد جاء فيها: " الست القاتل حجرا اخا كندة، والمصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون البدع، ولا يخافون في الله لومة لائم... قتلتهم ظلما وعدوانا من بعد ما كنت اعطيتهم الايمان المغلظة، والمواثيق المؤكدة ان لا تاخذهم بحدث كان بينك وبينهم ولا باحنة تجدها في نفسك عليهم.. " [1] .

واحتوت هذه المذكرة علي ما يلي: 1 - الانكار الشديد علي معاوية لقتله حجرا واصحابه من دون أن يقترقوا جرما أو يحدثوا فسادا في الارض. 2 - انها اشادت بالصفات البطولية في هؤلاء الشهداء من انكار الظلم،


ومقاومة الجور واستعظام البدع والمنكرات التي احدثتها حكومة معاوية، وقد هبوا الي ميادين الجهاد لاقامة الحق ومناهضة المنكر. 3 - انها اثبتت ان معاوية قد اعطي حجرا واصحابه عهدا خاصا في وثيقة وقعها قبل ابرام الصلح ان لا يعرض لهم باي احنة كانت بينه وبينهم، ولا يصيبهم باي مكروه، ولكنه قد خاس بذلك فلم يف به كما لم يف للامام الحسن بالشروط التي اعطاها له، وانما جعلها تحت قدميه كما اعلن ذلك في خطابه الذي القاه في النخيلة. لقد كان قتل حجر من الاحداث الجسام في الاسلام، وقد توالت صيحات الانكار علي معاوية من جميع الاقاليم الاسلامية، وقد ذكرناها بالتفصيل في كتابنا (حياة الامام الحسن " ع ").