بازگشت

سب الامام اميرالمؤمنين


وتمادي معاوية في عدائه الامام أمير المؤمنين (ع) فاعلن سبه ولعنه في نواديه العامة والخاصة وأوعز إلي جميع عماله وولاته أن يذيعوا سبه بين الناس، وسري سب الامام في جميع انحاء العالم الاسلامي، وقد خطب معاوية في أهل الشام فقال لهم: " ايها الناس، ان رسول الله (ص) قال لي: إنك ستلي الخلافة من بعدي فاختر الارض المقدسة - يعني الشام - فان فيها الابدال، وقد اخترتكم فالعنوا أبا تراب ". وعج أهل الشام بسب الامام [1] وخطب في اولئك الوحوش فقال لهم: " ما ظنكم برجل - يعني عليا لا يصلح لاخيه - يعني عقيلا - يا أهل الشام إن أبا لهب المذموم في القران هو عم علي بن أبي طالب " [2] .

ويقول المؤرخون: انه كان اذا خطب ختم خطابه بقوله: " اللهم ان أبا تراب الحد في دينك وصد عن سبيلك فالعنه لعنا وبيلا، وعذبه عذابا اليما.. " وكان يشاد بهذه الكلمات علي المنابر [3] ولما ولي معاوية المغيرة بن شعبة امارة الكوفة كان أهم ما عهد إليه ان لا يتسامح في شتم الامام (ع) والترحم علي عثمان، والعيب لاصحاب علي واقصائهم، واقام المغيرة


واليا علي الكوفة سبع سنين وهو لا يدع ذم علي والوقوع فيه [4] وقد اراد معاوية بذلك ان يصرف القلوب عن الامام (ع) وان يحول بين الناس وبين مبادئه التي اصبحت تطارده في قصوره يقول الدكتور محمود صبحي: " لقد اصبح علي جثة هامدة لا يزاحمهم في سلطانهم، ويخيفهم بشخصه، ولا يعني ذلك - اي سب الامام - الا ان مبادئه في الحكم وآراءه في السياسة كانت تنغص عليهم في موته كما كانت في حياته.. " [5] .

لقد كان الامام رائد العدالة الانسانية والمثل الاعلي لهذا الدين، يقول الجاحظ: " لا يعلم رجل في الارض متي ذكر السبق في الاسلام والتقدم فيه، ومتي ذكر النخوة والذب عن الاسلام، ومتي ذكر الفقه في الدين، ومتي ذكر الزهد في الامور التي تناصر الناس عليها كان مذكورا في هذه الخلال كلها الا في علي. " [6] .

ويقول الحسن البصري: " والله لقد فارقكم بالامس رجل كان سهما صائبا من مرامي الله عز وجل، رباني هذه الامة بعد نبيها (ص) وصاحب شرفها وفضلها وذا القرابة القريبة من رسول الله (ص) غير مسؤم لامر الله، ولا سروقة لمال الله اعطي القران عزائمه فاورده رياضا مونقة، وحدائق مغدقة ذلك علي بن ابي طالب. " [7] .

لقد عادت اللعنات التي كان يصبها معاوية وولاته علي الامام باظهار فضائله فقد برز الامام للناس اروع صفحة في تاريخ الانسانية كلها، وظهر للمجتمع انه المنادي الاول بحقوق الانسان، والمؤسس الاول للعدالة الاجتماعية


في الارض لقد انطوت السنون والاحقاب، واندكت معالم تلك الدول التي ناوئت الامام سواء أكانت من بني امية أم من بني العباس، ولم يبق لها أثر، وبقي الامام (ع) وحده قد احتل قمة المجد فها هو رائد الانسانية الاول وقائدها الاعلي واذا بحكمه القصير الامد يصبح طغراء في حكام هذا الشرق، واذا الوثائق الرسمية التي أثرت عنه تصبح منارا لكل حكم صالح يستهدف تحقيق القضايا المصيرية للشعوب، واذا بحكم معاوية اصبح رمزا للخيانة والعمالة ورمزا لاضطهاد الشعوب واحتقارها.


پاورقي

[1] النصائح الکافية (ص 72).

[2] شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد 3 / 361.

[3] النصائح الکافية (ص).

[4] تاريخ الطبري 6 / 141 طبع اوربا.

[5] نظرية الامامة لدي الشيعة الاثني عشرية (ص 282).

[6] الاسلام والحضارة العربية 2 / 145.

[7] مناقب ابن المغازلي رقم الحديث 69.