بازگشت

اشاعة الانتهازية


وعملت حكومة معاوية علي اشاعة الانتهازية والوصولية بين الناس، ولم يعد ماثلا عند الكثيرين منهم ما جاء به الاسلام من ايثار الحق ونكران الذات، ومن مظاهر ذلك التذبذب ما رواه المؤرخون ان يزيد بن شجرة الرهاوي قد وفد علي معاوية، وبينما هو مقبل علي سماع حديثه اذ اصابه حجر عاثر فادماه فاظهر تصنعا عدم الاعتناء به فقال له معاوية: " لله انت ما نزل بك!!؟ " " ما ذاك يا امير المؤمنين؟ " " هذا دم وجهك يسيل.. " " إن حديث امير المؤمنين الهاني حتي غمز فكري فما شعرت بشئ حتي نبهني امير المؤمنين. " فبهر معاوية وراح يقول: " لقد ظلمك من جعلك في الف من العطاء، واخرجك من عطاء ابناء المهاجرين، وكماة أهل صفين. " وامر له بخمسمائة الف درهم،


وزاد في عطائه الف درهم. [1] .

وكانت هذه الظاهرة سائدة في جميع ادوار الحكم الاموي فقد ذكر المؤرخون ان اسماعيل بن يسار كان زبير الهوي فلما ظفر آل مروان بال الزبير انقلب اسماعيل عن رايه واصبح مروانيا، وقد استاذن علي الوليد فاخره ساعة فلما اذن له دخل وهو يبكي فساله الوليد عن سبب بكائه فقال: " اخرتني وأنت تعلم مروانيتي، ومروانية أبي " وأخذ الوليد يعتذر منه، وهو لا يزداد الا اغراقا في البكاء، فهون عليه الوليد واحسن صلته، فلما خرج تبعه شخص ممن يعرفه فساله عن مروانيته التي ادعاها متي كانت؟ فقال له: " بغضنا لال مروان، وهي التي حملت أباه يسار في حال موته ان يتقرب الي الله بلغن مروان بن الحكم، وهي التي دعت امه ان تلعن آل مروان مكان ما تتقرب به الي الله من التسبيح.. " [2] .

ونقل المؤرخون بوادر كثيرة من الوان هذا الخداع الذي ساد في تلك العصور وهو من دون شك من مخلفات سياسة معاوية الذي ربي جيله علي التذبذب والانحراف عن الحق.


پاورقي

[1] التاج في اخلاق الملوک (ص 55).

[2] الاغاني 4 / 120.