بازگشت

سياسة الخداع


واقام معاوية دولته علي المخاتلة والخداع فلا ظل للواقع في اي تحرك من تحركاته السياسية، فما كان مثل ذلك الضمير المتحجر ان يعي الواقع أو يفقه الحق، وقد حفل التاريخ بصور كثيرة من خداعه، وهذه بعضها: 1 - لما دس معاوية السم الي الزعيم الكبير مالك الاشتر اقبل علي اهل الشام فقال لهم: " ان عليا وجه الاشتر الي مصر فادعوا الله ان يكفيكموه. " فكان اهل الشام يدعون عليه في كل صلاة، ولما اخبر بموته انبا اهل الشام بان موته نتج عن دعائهم لانهم حزب الله، ثم همس في اذن ابن العاص قائلا له: " ان لله جنودا من عسل ". [1] .

2 - ومن خداع معاوية وأضاليله ان جرير اليجلي لما اوفده الامام الي معاوية يدعوه الي بيعته، طلب معاوية حضور شرحبيل الكندي، وهو من ابرز الشخصيات في الشام وقد عهد الي جماعة من اصحابه ان ينفرد كل واحد منهم به، ويلقي في روعه ان عليا هو الذي قتل عثمان بن عفان، ولما قدم عليه شرحبيل اخبره معاوية بوفادة جرير، وانه يدعوه الي بيعة الامام، وقد حبس نفسه في البيعة حتي ياخذ رايه لان الامام قد قتل عثمان، وطلب منه شرحبيل ان يمهله لينظر في الامر، فلما خرج التقي به القوم كل علي انفراده، واخبروه ان الامام هو المسؤول


عن اراقة دم عثمان فلم يشك الرجل في صدقهم فانبري الي معاوية وهو يقول له: " يا معاوية اين الناس؟ الا ان عليا قتل عثمان، والله ان بايعت لنخرجنك من شامنا ولنقتلنك. " فقال معاوية مخادعا له: " ما كنت لاخالف عليكم ما أنا الا رجل من أهل الشام.. " [2] .

بمثل هذا الخداع والبهتان اقام دعائم سلطانه، وبني عليه عرش دولته. 3 - ومن الوان خداعه لاهل الشام انه لما راسل الزعيم قيس بن سعد يستميله ويمنيه بسلطان العراقيين وبسلطان الحجاز لمن احب من اهل بيته ان صار معه فرد عليه قيس باعنف القول فاظهر معاوية لاهل الشام انه قد بايع، وأمرهم بالدعاء له واختلق كتابا نسبه إليه وقد قراه عليهم وهذا نصبه: " اما بعد: ان قتل عثمان كان حدثا في الاسلام عظيما، وقد نظرت لنفسي وديني فلم ار بوسعي مظاهرة قوم قتلوا امامهم مسلما محرما برا تقيا فنستغفر الله لذنوبنا الا واني قد القيت لكم بالسلام، واحببت قتال قتلة امام الهدي المظلوم، فاطلب مني ما احببت مني من الاموال والرجال اعجله إليك.. " [3] .

وبهذه الاساليب المنكرة خدع أهل الشام وزج بهم لحرب وصي رسول الله (ص) و باب مدينة علمه. 4 - لقد كان الخداع من ذاتيات معاوية، ومن العناصر المقومة لسياسته، وقد بهر ولده يزيد حينما بويع وكان الناس يمدحونه فقال لابيه:


" يا امير المؤمنين ما ندري انخدع الناس ام يخدعوننا؟؟ ". فاجابه معاوية: " كل من اردت خديعته فتخادع له حتي تبلغ منه حاجتك فقد خدعته ". [4] .

لقد جر معاوية ذيله علي الخداع وغذي به أهل مملكته حتي نشا جبل كانت هذه الظاهرة من ابرز ما عرف منه.


پاورقي

[1] شرح النهج 2 / 23.

[2] شرج النهج 1 / 129.

[3] شرح النهج 2 / 23.

[4] الکامل للمبرد 1 / 305.