بازگشت

الصلح


ووقف الامام الحسن من هذه الفتن السود موقف الحازم اليقظ الذي تمثلت فيه الحكمة بجميع رحابها ومفاهيمها، فراي انه أمام امرين: 1 - ان يفتح باب الحرب مع معاوية، وهو علي يقين لا يخامره ادني شك ان الغلبة ستكون لمعاوية، فاما ان يقتل هو واصحابه واهل بيته الذين يمثلون القيم الاسلامية، ويخسر الاسلام بتضحيتهم قادته ودعاته من دون ان تستفيد القضية الاسلامية اي شئ فان معاوية بحسب قابلياته الدبلوماسية يحمل المسؤلية علي الامام، ويلقي علي تضحيته الف حجاب، او انه يؤسر فيمن عليه معاوية فتكون سبة علي بني هاشم وفخرا لبني امية. 2 - ان يصالح معاوية فيحفظ للاسلام رجاله ودعاته، ويبرز في


صلحه واقع معاوية، ويكشف عنه ذلك الستار الصفيق الذي تستر به، وقد اختار (ع) هذا الامر علي ما فيه من قذي في العين وشجي في الحلق، ويقول المؤرخون إنه جمع جيشه فعرض عليهم الحرب أو السلم فتعالت الاصوات من كل جانب وهم ينادون. " البقية البقية " [1] .

لقد استجابوا للذل، ورضوا بالهوان، وما لوا عن الحق، وقد ايقن الامام أنهم قد فقدوا الشعور والاحساس، وانه ليس بالمستطاع أن يحملهم علي الطاعة ويكرههم علي الحرب فاستجاب - علي كره ومرارة - الي الصلح. لقد كان الصلح امرا ضروريا يحتمه الشرع، ويلزم به العقل، وتقضي به الضروف الاجتماعية الملبدة بالمشاكل السياسية فان من المؤكدانه لو فتح باب الحرب لمني جيشه بالهزيمة، ومنيت الامة من جراء ذلك بكارثة لاحد لابعادها. اما كيفية الصلح وشروطه واسبابه وزيف الناقدين له فقد تحدثنا عنها بالتفضيل في كتابنا حياة الامام الحسن (ع).


پاورقي

[1] حماة الاسلام 1 / 123، المجتني لابن دريد (ص 36).