بازگشت

خلافة الحسن


وتقلد الامام الحسن (ع) ازمة الخلافة الاسلامية بعد أبيه، فتسلم قيادة حكومة شكلية عصفت بها الفتن، ومزقت جيشها الحروب والاحزاب ولم تعد هناك اية قاعدة شعبية تستند إليها الدولة، فقد كان الاتجاه العام الذي بمثله الوجوه والاشرف مع معاوية، فقد كانوا علي اتصال وثيق به قبل مقتل الامام وبعده، كما كان لهم الدور الكبير في افساد جيش الامام حينما مني جيش معاوية بالهزيمة والفرار، وعلي اي حال فان الامام الحسن


بعد أن تقلد الخلافة اخذ يتهيا للحرب، وقد أمر بعقد اجتماع عام في جامع الكوفة وقد حضرته القوات المسلحة وغيرها، والقي الامام خطابا رائعا ومؤثرا دعا في الي تلاحم القوي ووحدة الصف، وحذر فيه من الدعايات التي تبثها اجهزة الحكم الاموي، ثم ندب الناس لحرب معاوية فلما سمعوا ذلك وجلت قلوبهم وكمت افواههم، ولم يستجب منهم احد سوي البطل الملهم عدي بن حاتم فانبري يعلن دعمه الكامل للامام، ووجه اعنف اللوم والتقريع لاهل الكوفة علي موقفهم الانهزامي واستبان للامام وغيره ان جيشه لا يريد الحرب، فقد خلع يد الطاعة، وانساب في ميادين العصيان والتمرد. وبعد جهود مكثفة قام بها بعض المخلصين للامام نفر للحرب اخلاط من الناس - علي حد تعبير الشيخ المفيد - كان أكثرهم من الخوارج والشكاكين وذوي الاطماع، وهذه العناصر لم تؤمن بقضية الامام، وقد تطعمت بالخيانة والغدر، ويقول الرواة ان الامام اسند مقدمة قيادة جيشه لعبيد الله بن العباس الذي وتره معاوية بابنيه ليكون ذلك داعية اخلاص له و حينما التقي جيشه بجيش معاوية، مد إليه معاوية أسلاك مكره فمناه بميلون درهم يدفع نصفه في الوقت والنصف الاخر اذا التحق به [1] وسال لعاب عبيد الله فاستجاب لدنيا معاوية ومال عن الحق فالتحق بمعسكر الظلم والجور ومعه ثمانية الاف من الجيش [2] غير حافل بالخيانة والعار، ولا بالاضرار الفظيعة التي ألحقها بجيش ابن عمه، فقد تفللت جميع وحداته وقواعده، ولم تقتصر الخيانة علي عبيد الله، وانما خان غيره من كبار قادة ذلك


الجيش، فالتحقوا بمعاوية، وتركوا الامام في أرباض ذلك الجيش المنهزم يصعد آهاته وآلامه. ولم تقتصر محنة الامام وبلاؤه في جيشه علي خيانة قادة فرقة، وإنما تجاوز بلاؤه الي ما هو أعظم من ذلك، فقد قامت فصائل من ذلك الجيش باعمال رهيبة بالغة الخطورة وهي:


پاورقي

[1] شرح ابن أبي الحديد 4 / 28.

[2] تاريخ اليعقوبي 2 / 191.