بازگشت

اشتراك الامويين في المؤامرة


وذكر المؤرخون هذا الحادث الخطير بشئ كثير من التحفظ فلم يكشفوا النقاب عن ابعاده، والذي نراه في كثير من الترجيح ان المؤامرة لم تكن مقتصر علي الخوارج، وانما كان للحزب الاموي ضلع كبير فيها، والذي يدعم ذلك مايلي. 1 - ان أبا الاسود الدئلي القي تبعة مقتل الامام علي بني امية، وذلك في مقطوعته التي رثا بها الامام فقد جاء فيها:



الا أبلغ معاوية بن حرب

فلا قرت عيون الشامتينا



أفي شهر الصيام فجعتمونا

بخير الناس طرا اجمعينا



قتلتم خير من ركب المطايا

ورحلها ومن ركب السفينا [1] .



ومعني هذه الابيات ان معاوية هو الذي فجع المسلمين بقتل الامام الذي هو خير الناس، فهو مسؤول عن اراقة دمه، ومن الطبيعي ان أبا الاسود لم ينسب هذه الجريمة لمعاوية الا بعد التاكد منها، فقد كان الرجل متحرجا أشد التحرج فيما يقول. 2 - ان القاضي نعمان المصري، وهو من المؤرخين القدامي قد ذكر قولا في أن معاوية هو الذي دس ابن ملجم لاغتيال الامام، قال مانصه:


" وقيل ان معاوية عامله - اي عامل ابن ملجم - علي ذلك - اي علي اغتيال الامام - ودس إليه فيه، وجعل له مالا عليه.. " [2] .

3 - ومما يؤكد اشتراك الحزب الاموي في المؤامرة هو ان الاشعث ابن قيس قد ساند ابن ملجم، ورافقه اثناء عملية الاغتيال، فقد قال له: " النجا فقد فضحك الصبح " ولما سمعه حجر بن عدي صاح به " قتلته يا اعور " وكان الاشعث من اقوي العناصر المؤيدة للحزب الاموي، فهو الذي ارغم الامام علي قبول التحكيم وهدد الامام بالقتل قبل قتله بزمان قليل كما كان عينا لمعاوية بالكوفة. إن المؤامرة - كما يقول الرواة - قد احيطت بكثير من السر والكتمان فما الذي اوجب فهم الاشعث ودعمه لها لولا الايعاز إليه من الخارج. 4 - ان مؤتمر الخوارج قد انعقد في مكة أيام موسم الحج، وهي حافلة - من دون شك - بالكثيرين من اعضاء الحزب الاموي الذين نزحوا الي مكة لاشاعة الكراهية والنقمة علي حكومة الامام، واغلب الظن انهم تعرفوا علي الخوارج الذين كانوا من اعدي الناس للامام، فقاموا بالدعم الكامل لهم علي اغتيال الامام، ومما يساعد علي ذلك ان الخوارج بعد انقضاء الموسم اقاموا بمكة الي رجب فاعتمروا في البيت ثم نزحوا الي تنفيذ مخططهم فمن المحتمل ان يكونوا في طيلة هذه المدة علي اتصال دائم مع الحزب الاموي، وسائر الاحزاب الاخري المناهضة لحكم الامام. 5 - والذي يدعو الي الاطمئنان في ان الحزب الاموي كان له الضلع الكبير في هذه المؤامرة هو ان ابن ملجم كان معلما للقران [3] .


وكان ياخذ رزقه من بيت المال، ولم تكن عنده اية سعة مالية فمن اين له الاموال التي اشتري بها سيفه الذي اغتال به الامام بالف وسمه بالف؟؟ ومن اين له الاموال التي اعطاها مهرا لقطام وهو ثلاثة الاف وعبد وقينة؟ كل ذلك يدعو الي الظن أنه تلقي دعما ماليا من الامويين ازاء قيامه باغتيال الامام. 6 - ومما يؤكد ان ابن ملجم كان عميلا للحزب الاموي هو انه كان علي اتصال وثيق بعمرو بن العاص وزميلا له منذ عهد بعيد، فانه لما فتح ابن العاص مصر كان ابن ملجم معه، وكان أثيرا عنده فقد أمره بالنزول بالقرب منه [4] واكبر الظن انه احاط ابن العاص علما بما اتفق عليه مع زميليه من عملية الاغتيال له وللامام، ومعاوية، ولذا لم يخرج ابن العاص الي الصلاة وانما استناب غيره، فلم تكن نجاته وليدة مصادفة وانما جاءت وليدة مؤامرة حكيت اصولها مع ابن العاص. هذه بعض الامور التي توجب الظن باشتراك الحزب الاموي في تدبير المؤامرة ودعمها.


پاورقي

[1] تاريخ ابن الاثير 3 / 198.

[2] المناقب والمثالب (ص 98) للقاضي نعمان المصري من مصورات مکتبة الامام الحکيم.

[3] لسان ميزان 3 / 440.

[4] لسان ميزان 3 / 440.