بازگشت

عبث الخوارج


وتواكبت المحن الشاقة علي الامام يقفو بعضا، فغارات معاوية متصلة علي العراق وخارجه، وهي تنشر الرعب والهلع في قلوب المواطنين والامام لا يتمكن علي حماية الامن، وصيانة الناس من الاعتداء قد خلع جيشه يد الطاعة وأعلن العصيان والتمرد، ولم يعد له أي نفوذ أو سلطان عليه ومن تلك المحن الشاقة التي ابتلي بها الامام هي فتنة الخوارج فانه لم يقض عليهم في النهروان، وانما قضي علي جماعة منهم، وبقي أكثرهم يعيشون معه، وهم يكيدون له، ويتربصون به الدوائر، ويحولون قلوب الناس عنه، قد امنوا من بطشه واستيقنوا انه لن يبسط عليهم يدا، ولا ينزل بهم عقوبة، وقد أطمعهم عدله، وأغراهم لينه فراحوا يجاهرون بالرد والانكار عليه، فقد قطع بعضهم عليه خطبته تاليا قوله تعالي: " لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " فاجابه الامام باية اخري " فاصبر ان وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون " وجاءه الخريت ابن راشد السامي في ثلاثين من أصحابه فقال له: يا علي والله لا أطيع أمرك، ولا اصلي خلفك، واني غدا مفارق لك، فلطف به الامام وحاججه وهلي بينه وبين حريته، فلم يسجنه، وانما ترك له الطريق مفتوحا وولي الرجل الي قومه من بني ناجية فاخبرهم بما كان بينه وبين الامام، ثم خرج في الليل يريد الحرب وجرت أحداث كثيرة في خروج الخريت وتمرده ذكرها المؤرخون بالتفصيل. وعلي أي حال فان المسؤولية الكبري في كثير من الاحداث المفزعة التي مني بها العالم الاسلامي تقع علي الخوارج فهم الذين قضوا علي مصير


الامة في أهم الفترات الحاسمة من تاريخها حينما كتب النصر للامام، وباء معاوية بالهزيمة والفشل، بحيث لم يبق من حياته إلا فترة يسيرة من الزمن قدرها قائد القوات العسكرية في جيش الامام مالك الاشتر، بحلبة شاة أو بعدوة فرس، فاضاعوا ذلك النصر الكبير وأرغموا الامام علي قبول التحكيم