بازگشت

هيت


ووجه معاوية للغارة علي هيت سفيان بن عوف وضم إليه ستة الاف، وأمره ان ياتي بعد الغارة عليها الي الانبار والمدائن فيوقع باهلها، وسار بجيشه الي هيت فلم يجد بها أحدا فانعطف نحو الانبار، فوجد بها مسلحة للامام تتكون من مائتي رجل فقاتلهم وقتل اشرس بن حسان الكبري مع ثلاثين رجلا من اصحابه، ثم نهبوا ما في الانبار من اموال، وتوجهوا الي معاوية، وهم مسرورون بما احرزوه من النصر، وبما نهبوه من الاموال [1] .

وبلغت انباء الانبار عليا فاثارته الي حد بعيد، وبلغ به الغيظ اقصاه، وكان عليلا لا يمكنه الخطاب فكتب كتابا قرا علي الناس، وقد ادني من السدرة ليسمع القراءة [2] وهذا نصه:


" اما بعد: فان الجهاد باب من ابواب الجنة فمن تركه رغبة عنه البس ثوب الذلة، وشمله البلاء، وديث بالصغار، وسيم الخسف، ومنع النصف، وقد دعوتكم الي جهاده هؤلاء القوم ليلا ونهارا وعلانية وسرا، وأمرتكم أن تغزوهم قبل ان يغزوكم فانه ما غزي قوم في عقر دارهم الا ذلوا، فتواكلتم وتخاذلتم، وثقل عليكم قولي، وعصيتم أمري وأتخذتموه وراءكم ظهريا، حتي شنت عليكم الغارات من كل ناحية، هذا أخو غامد قد وردت خيله الانبار فقتل ابن حسان البكري، وأزال مسالحكم عن مواضعها وقتل منكم رجالا صالحين، ولقد بلغني أن الرجل من أهل الشام كان يدخل بيت المسلمة والاخري المعاهدة فياخذ حجلها وقلبها وقلادتها، فيا عجبا يميت القلب، يجلب الهم، ويسعر الاحزان من جد هؤلاء القوم في باطلهم، وفشلكم عن حقكم فقبحا وترحا حيث صرتم غرضا يرمي، يغار عليكم فلا تغيرون، ويعصي الله فترضون، اذا قلت لكم: اغزوا عدوكم في الحر قلتم هذه حمارة القيظ من يغزوا فيها؟ امهلنا ينسلخ عنا الحر، واذا قلت: اغزوهم في انف الشتاء قلتم الحر والقر، فكل هذا منكم فرار من الحر والقر؟ فانتم والله من السيف أفر، يا أشباه الرجال، حلوم الاطفال وعقول ربات الحجال، لوددت أني لم اركم، وان الله اخرجني من بين اظهركم، فلقد ملئتم صدري غيظا وجرعتموني نغب التهمام انفاسا، وافسدتم علي رايي بالعصيان، حتي قالت قريش: إن ابن إبي طاب رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب، لله ابوهم وهل منهم أحد اشد لها مراسا وقعاسا مني لقد نهضت فيها وقد بلغت العشرين [3] .

فهاناذا قد ذرت علي الستين، ولكن لا راي لمن لا يطاع. " [4] .


وقد صور هذا الخطاب ما في نفس الامام من غيظ ممض، وياس شديد من اصحابه الذين امتلات قلوبهم خوفا وذلا من أهل الشام فتخاذلوا وقبعوا في بيوتهم يطاردهم الفزع، حتي فسد علي الامام أمره،


پاورقي

[1] تاريخ ابن الاثير 3 / 189.

[2] انساب الاشراف.

[3] في رواية " وما بلغت العشرين ".

[4] انساب الاشراف.