بازگشت

مع المارقين


ويقول الرواة إن النبي (ص) سمي أهل النهروان بالمارقين، وانه قد عهد الي الامام امير المؤمنين (ع) بقتالهم كما عهد إليه بقتال الناكثين والقاسطين من بعده. والظاهرة البارزة في اتجاهات الخوارج هي الالتواء في السلوك، والاصرار علي الجهل والعناد، فقد بنوا واقعهم علي التعصب وعدم التدبر والامعان في حقائق الامور، وقد كان شعارهم الذي تفانوا في سبيله وقدموا له المزيد من الضحايا " لا حكم الا لله " ولكنهم لم يلبثوا أن جعلوا الحكم للسيف فنشروا الارهاب والخوف والفساد في الارض كما سنذكر ذلك وعلي اي حال فان الامام لما نزح من صفين الي الكوفة لم يدخلوا إليها، وانما انحازوا الي (حروراء) فنسبوا إليها، وكان عددهم فيما يقول المؤرخون اثني عشر الفا، وقد جعلوا اميرهم علي القتال شبث بن ربعي وعلي الصلاة عبد الله بن الكواء اليشكري، وخلعوا الامام عن الخلافة، وجعلوا الامر شوري بين المسلمين. والتاع الامام من تمردهم فاوقد للقياهم عبد الله بن عباس، وأمره


ان لا يخوض معهم في ميدان الخضومة والنزاع حتي ياتيه الا انه لم يجد بدا من الحوار معهم وبينما هو يحاورهم إذ اطل عليهم الامام فنهي ابن عباس عن مناظرتهم، واقبل عليهم فقال لهم: اللهم إن هذا مقام من أفلج فيه كان اولي بالفلج يوم القيامة، ومن نطق وأوعث فيه فهو في الاخرة اعمي واضل سبيلا، ثم قال لهم: - من زعيمكم؟ - ابن الكواء! - ما اخرجكم علينا؟ - حكومتكم يوم صفين - أنشدكم بالله، اتعلمون انهم حيث رفعوا المصاحف، فقلتم نجيببهم الي كتاب الله، قلت لكم: إني اعلم بالقوم منكم، انهم ليسوا باصحاب دين، ولا قران، اني صحبتهم وعرفتهم اطفالا ورجالا، فكانوا شر اطفال، وشر رجال، امضوا علي حقكم، وصدقكم، فانهما رفع القوم هذه المصاحف خديعة، ودهنا ومكيدة، فرددتم علي رابي، وقلتم لا: بل نقبل منهم، فقلت لكم: اذكروا قولي لكم، ومعصيتكم اياي، فلما أبيتم الا الكتاب اشترطت علي الحكمين ان يحييا ما احيا القران، وأن يميتا ما امات القران، فان حكما بحكم القران فليس لنا ان نخالف حكما يحكم بما في القران، وأن ابيا فنحن من حكمها براء " وابطلت هذه الحجة النيرة جميع اوهامهم، فهم المسؤلون عن التحكيم، كما هو مسؤلون عن كل ما حدث من الفتنة والفساد وليس للامام ظلع في ذلك، وايقنوا ان الذنب ذنبهم وليس علي الامام أي تبعة في ذلك فقالوا له: - اتراه عدلا تحكيم الرجال في الدماء؟


- لسنا حكمنا الرجال إنما حكمنا القران، وهذا القران انما هو خط مسطور بين دفتين لا ينطق وانما يتكلم به الرجال. - خبرنا عن الاجل لم جعلته فيما بينك وبينهم؟ - ليعلم الجاهل، ويثبت العالم، ولعل الله يصلح في هذه الهدنة هذه الامة. وسد عليهم الامام كل نافذة ينفذون منها، ووجد منهم تقاربا واذعانا لمقالته، فخاطبهم بناعم القول: " ادخلوا مصركم رحمكم الله. " فاجابوه الي ذلك، ورجلوا عن آخرهم معه الي الكوفة، الا انهم بقوا مصرين علي فكرتهم يذيعونها بين البسطاء، حتي شاع أمرهم، وقويت شوكتهم واخذوا ينشرون الخوف والارهاب، ويدعون الي البغي، وعزل الامام وجعل الامر شوري بين المسلمين [1] .


پاورقي

[1] حياة الامام الحسن 1 / 469 - 472.