بازگشت

اخبار الامام بمقتل الحسين


واشاع الامام بين الناس مقتل ولده الحسين، كما أشاع ذلك رسول الله صلي الله عليه وآله وقد أدلي الامام بذلك في كثير من المناسبات، وهذه بعضها: 1 - روي عبد الله بن يحيي [1] عن ابيه انه سافر مع علي إلي


صفين، وكان صاحب مطهرته، فلما حاذوا نينوي، تأثر الامام، ورفع صوته قائلا: " صبرا أبا عبد الله، صبرا أبا عبد الله، بشط الفرات! ". فذهل يحيي، وانبري يقول: " من ذا أبو عبد الله؟ ". فاجابه الامام وقلبه يتقطع الما وحزنا قائلا: " دخلت علي رسول الله (ص) وعيناه تفيضان، فقلت يا نبي الله اغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: قام من عندي جبرئيل فحدثني ان الحسين يقتل بشط الفرات، وقال: هل لك أن أشمك من تربته؟ قال: قلت: نعم فقبض قبضة فاعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا " [2] .

2 - حدث هرثمة بن سليم قال: عزونا مع علي بن أبي طالب غزوة صفين، فلما نزلنا بكربلا صلي بنا صلاة، فلما سلم رفع إليه من تربتها فشمها ثم قال: " واها لك أيتها التربة، ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب ". وبهر هرثمة. وظل حديث الامام يراوده في كل فترة، وكان منكرا له فلما رجع إلي زوجته جرداء بنت سمير، وكانت شيعة لعلي حدثها بما سمعه من الامام، فقالت له: " دعنا منك أيها الرجل فان أمير المؤمنين لم يقل إلا حقا ". ولم تمض الايام حتي بعث ابن زياد بجيوشه لحرب ريحانة رسول الله وكان فيهم هرثمة فلما انتهي إلي كربلا ورأي الحسين واصحابه تذكر قول الامام أمير المؤمنين فكره حربه، وأقبل علي الامام الحسين، وأخبره بما


سمعه من أبيه، فقال له الامام: - معنا أنت أو علينا؟ - لا معك، ولا عليك، تركت أهلي وولدي، وأخاف عليهم من ابن زياد. فنصحه الامام، وقال له: " ول هاربا حتي لا تري لنا مقتلا، فوالذي نفس محمد بيده لا يري مقتلنا اليوم رجل، ولا يغيثنا إلا أدخله الله النار.. ". وانهزم هرثمة من كربلا ولم يشهد مقتل الامام الحسين [3] .

3 - وروي أبوجعفة قال: جاء عروة البارقي إلي سعيد بن وهب فسأله وأنا أسمع، فقال: حديث حدثتنيه عن علي بن أبي طالب قال: نعم، بعثني مخنف بن سليم إلي علي فاتيته بكربلا فوجدته يشير بيده ويقول: " هاهنا، هاهنا ". فبدر اليه رجل فقال له: " ما ذلك يا أمير المؤمنين؟ ". قال (ع): " ثقل لآل محمد ينزل هاهنا فويل لهم منكم، وويل لكم منهم ". ولم يعرف الرجل معني كلامه، فقال: " ما معني هذا الكلام يا أمير المؤمنين؟!! ". فقال (ع): " ويل لهم منكم تقتلونهم، وويل لكم منهم يدخلكم الله بقتلهم النار " [4] .

4 - روي الحسن بن كثير عن أبيه أن عليا أتي كربلاء فوقف بها فقيل له:


" يا أمير المؤمنين هذه كربلاء ". فاجاب والالم يحز في نفسه قائلا: " ذات كرب وبلاء، ثم أومأ بيده إلي مكان فقال: هاهنا موضع رحالهم ومناخ ركابهم، وأومأ بيده إلي موضع آخر فقال: هاهنا مهراق دمائهم " [5] .

5 - روي أبوهريمة قال: كنت مع علي بنهر كربلا فمر بشجرة تحتها بعر غزلان فأخذ من التراب قبضة فشمها، ثم قال: " يحشر من هذا الظهر سبعون الفا يدخلون الجنة بغير حساب " [6] .

6 - روي أبوخيرة قال: صحبت عليا حتي أتي الكوفة، فصعد المنبر فحمد الله وأثني عليه، ثم قال: - كيف أنتم إذا نزل بذرية نبيكم بين ظهرانيكم؟ - إذا نبلي الله فيهم بلاءا حسنا. فاجابهم الامام: " والذي نفسي بيده لينزلن بين ظهرانيكم، ولتخرجن اليهم فلتقتلنهم ثم أقبل يقول:



هم أوردوه بالغرور وغردوا

اجيبوا دعاه لا نجاة ولا عذرا [7] .



7 - روي الطبراني بسنده عن علي انه قال: " ليقتلن الحسين، واني لاعرف التربة التي يقتل فيها بين النهرين " [8] .

8 - روي ثابت عن سويد بن غفلة أن عليا (ع) خطب ذات يوم فقام رجل من تحت منبره، فقال:


يا أمير المؤمنين إني مررت بوادي القري، فوجدت خالد بن عرفطة قد مات، فاستغفر له فقال (ع): " والله ما مات ولا يموت حتي يقود جيش ضلالة، صاحب لوائه حبيب بن حمار ". فقام اليه رجل ورفع عقيرته قائلا: " يا أمير المؤمنين، أنا حبيب بن حمار، واني لك شيعة ومحب ". فقال الامام: " أنت حبيب بن حمار؟ ". " نعم ". وكرر الامام قوله: " أنت حبيب " وهو يقول: نعم، فقال (ع): " اي والله إنك لحاملها، ولتحملنها، ولتدخلن من هذا الباب - واشار إلي باب الفيل بمسجد الكوفة -.. ". قال ثابت: والله ما مت حتي رأيت ابن زياد، وقد بعث عمر بن سعد إلي الحسين بن علي، وجعل خالد بن عرفطة علي مقدمته، وحبيب ابن حمار صاحب رايته فدخل بها من باب الفيل [9] .

9 - وخطب الامام أمير المؤمنين فكان من جملة خطابه: " سلوني قبل أن تفقدوني، فوالله لا تسألوني عن فئة تضل مائة، أو تهدي مائة إلا نبأتكم بناعقها وسائقها، ولو شئت لاخبرت كل واحد منكم بمخرجه ومدخله، وجميع شأنه " فانبري إليه الوغد الخبيث تميم بن اسامة التميمي فقال ساخرا ومستهزءا: " كم في رأسي طاقة شعر؟.. ". فرمقه الامام بطرفه وقال له:


" أما والله إني لاعلم ذلك، ولكن أين برهانه لو اخبرتك به: ولقد اخبرتك بقيامك ومقالك، وقيل لي: إن علي كل شعرة من شعر رأسك ملكا يلعنك، وشيطانا يستفزك، وآية ذلك أن في بيتك سخلا يقتل ابن رسول الله (ص)، ويحض علي قتله... ". يقول ابن أبي الحديد: " فكان الامر بموجب ما أخبر به عليه السلام كان ابنه حصين - بالصاد المهملة - يومئذ طفلا صغيرا يرضع اللبن، ثم عاش إلي ان صار علي شرطة عبيدالله بن زياد، وأخرجه عبيدالله إلي عمرو بن سعد يأمره بمناجزة الحسين ويتوعده علي لسانه إن أرجأ ذلك، فقتل (ع) صبيحة اليوم الذي ورد فيه الحصين بالرسالة في ليلته " [10] .

10 - قال (ع) للبراء بن عازب: " يا براء أيقتل الحسين وأنت حي فلا تنصره؟! " فقال البراء: لا كان ذلك يا أمير المؤمنين، ولما قتل الحسين ندم البراء وتذكر مقالة الامام أمير المؤمنين فكان يقول: " إعظم بها حسرة إذ لم أشهده وأقتل دونه " [11] .

11 - قال أمير المؤمنين: " كأني بالقصور وقد شيدت حول قبر الحسين (ع) وكأني بالاسواق وقد حفت حول قبره، ولا تذهب الايام والليالي حتي يسار اليه من الآفاق، وذلك بعد انقطاع بني مروان " [12] .

وتحقق ما أخبر به الامام أمير المؤمنين (ع) الذي هو باب مدينة علم النبي (ص) ومستودع أسراره وحكمته، فانه لم تكد تنقرض الدولة الاموية حتي ظهر مرقد ريحانة رسول الله (ص) وأصبح حرم الله الاكبر الذي تهفو اليه قلوب المؤمنين، وتتلهف علي زيارته ملايين المسلمين، وتشد


اليه الرحال من كل فج عميق، فالسعيد السعيد الذي يحضي بالتبرك بزيارته ويلثم أعتاب مرقده. لقد أصبح مرقده العظيم عند المسلمين وغيرهم رمزا للكرامة الانسانية ومنارا مشرقا لكل تضحية تقوم علي الحق والعدل، وعنوانا فذا لاقدس ما يشرف به هذا الحي من بين سائر الاحياء في جميع الاعصار والآباد. وبهذا ينتهي بنا الحديث عن الحلقة الاولي من هذا الكتاب، ونستقبل الامام الحسين (ع) في الحلقة الثانية وهي تعرض للاحداث الرهيبة التي منيت بها الخلافة الاسلامية في عهد الامام علي (ع)، والتي امتحن بها المسلمون امتحانا عسيرا، فقد ادت إلي خذلانه، واجبار الامام الحسن علي التنازل عن الخلافة وتسلط الطغمة الاموية علي رقاب المسلمين، واخضاعهم للذل، وارغامهم علي ما يكرهون، وتدميرهم للقيم العليا التي جاء هذا الدين ليقيمها في ربوع الارض.


پاورقي

[1] وفي الطبراني روي عبد الله بن نجي.

[2] تاريخ ابن عساکر 13 / 57 - 58، المعجم الکبير للطبراني رواه في ترجمته للامام الحسين.

[3] وقعة صفين (ص 157) نهج البلاغة 3 / 170.

[4] وقعة صفين (ص 158).

[5] وقعة صفين (ص 158)، نهج البلاغة 3 / 169.

[6] مجمع الزوائد 9 / 191.

[7] مجمع الزوائد 9 / 191 مجمع الکبير للطبراني.

[8] مجمع الزوائد 9 / 190 معجم الکبير للطبراني.

[9] شرح النهج 2 / 286.

[10] شرح النهج 10 / 14.

[11] شرح النهج 10 / 15.

[12] مسند الامام زيد (ص 47).